النيجر..انقسام إفريقي حول التدخل العسكري بعد الانقلاب
يشهد الموقف الإفريقي تجاه التدخل العسكري في النيجر انقساما بين دول مؤيدة في مقدمتها نيجيريا التي تترأس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، وأخرى معارضة لاسيما تلك التي شهدت انقلابات منذ عام 2020.
وكانت “إيكواس” منحت قبل أسبوع المجلس العسكري بالنيجر مهلة انتهت الأحد للإفراج عن الرئيس محمد بازوم وإعادته للحكم، بعدما أطاح به في انقلاب عسكري بتاريخ 26 يوليوز المنصرم، بقيادة رئيس وحدة الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تشياني.
وأكدت المجموعة الاقتصادية الإفريقية أنها ستطرح كافة الخيارات بما فيها التدخل العسكري، على الطاولة في حال لم يستجب الانقلابيون لمطالبها.
وتضم “إيكواس” في عضويتها 15 دولة، وهي غامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا، وتوغو والرأس الأخضر.
ويبلغ مجموع سكانها نحو 350 مليون نسمة (إحصاءات 2021)، وتبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17 بالمئة من إجمالي مساحة قارة إفريقيا.
والأحد، ومع انتهاء مهلة الأسبوع التي منحتها “إيكواس” للمجلس العسكري في النيجر، تعارض كل من الجزائر وليبيا ومالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد تدخل دول المجموعة عسكريا، مرجحةً الدبلوماسية لإنهاء الانقلاب.
الجزائر
أكدت الجزائر رفضها القاطع لأي تدخل عسكري في جارتها الجنوبية النيجر، ودعت في الوقت ذاته إلى العودة للشرعية الدستورية، معربة عن استعدادها للمساعدة.
والسبت، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية: “نرفض بشكل قاطع وتام استخدام القوة في النيجر”، معتبرا أن “المشاكل القائمة تُحل بالتي هي أحسن (سلميا)”.
وحذر من أن التدخل العسكري إذا حدث سيكون “تهديدا مباشرا للجزائر، لما له من تداعيات عليها وعلى المنطقة ككل”، وأضاف: “على من يملكون عقلا النظر إلى البلدان التي تم التدخل فيها عسكريا، فالمشاكل ما زالت موجودة إلى غاية اليوم في ليبيا واليمن وسوريا”.
تبون أردف: “لم يسبق في تاريخنا أن أرقنا دماء إخواننا أو أصدقائنا، ولن نفعل ذلك”، مضيفا أن بلاده ستتدخل فقط لمساعدة جيرانها اقتصاديا وتنمويا، مستدلا بموقف مماثل اتخذته مع مالي قبل عامين.وفي الوقت نفسه، قال تبون: “نحن مع عودة الشرعية الدستورية، وإذا كانوا يريدون مساعدتنا ألف مرحبا”.
وأبلغت الجزائر موقفها لدول “إيكواس” عندما استقبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الخميس، باباغانا كينجيبي المبعوث الخاص لرئيس نيجيريا الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجموعة.
وحتى اليوم، لم تتواصل الجزائر مع الانقلابيين في النيجر، ولم تتخذ أي إجراءات من قبيل غلق الحدود أو تعليق الرحلات الجوية والمعاملات التجارية.
وتربط الجزائر والنيجر حدود مشتركة تمتد لنحو ألف كيلومتر، إلى جانب روابط إنسانية وتاريخية، ما يجعل الجزائر على رأس الدولة المعنية بأي تحول سياسي أو أمني في الدولة الغنية بالموارد الطبيعية وشديدة الفقر اقتصاديا.
ليبيا
حكومة الوحدة الوطنية الليبية، حذرت في بيان نشرته الأربعاء، من أن “التدخل الخارجي في شؤون النيجر ومحاولات جرها إلى الفوضى سيزيد خطورة الأزمة وسيقوض أمنها وأمن جيرانها”.
وأضافت: “نتابع بقلق شديد تطور الأحداث المؤسفة في النيجر”، مؤكدة “دعمها لمسار العودة إلى النظام الدستوري واحترام الشرعية المتمثلة في الرئيس بازوم”.
والسبت، دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى التعاون وتضافر الجهود بين دول جوار النيجر، و”إيكواس”، مرحبا “بعدم الاعتراف بالتغيير غير الدستوري لأنظمة الحكم المنتخبة”.
جاء ذلك في كلمة خلال تسلمه رسالة خطية من رئيس نيجيريا بولا أحمد تينيبو، نقلها مبعوثه الخاص باباجانا كنقي بي، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمنفي.
مالي وبوركينا فاسو
وكانت مالي وبوركينا فاسو أعلنتا في بيان مشترك الاثنين، رفضهما أي تدخل عسكري أجنبي في النيجر، واعتبرتاه بمثابة “إعلان حرب” يشملهما، وهدّدتا بالانسحاب من “إيكواس”.
غينيا
المجلس العسكري الحاكم في غينيا، حذر في بيان، من أن “التدخل العسكري في النيجر سيؤدي إلى تفكك مجموعة إيكواس”.
وأضاف المجلس الغيني أنه لن يلتزم بالعقوبات التي فرضتها “إيكواس”، ووصفها بأنها “غير شرعية”.
واختتم البيان بالقول إن “شعوب كل من غينيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر تتطلع إلى احترام سيادتها”.
تشاد
تشاد، هي الأخرى لا تؤيد التدخل بالقوة في النيجر، حسب ما جاء على لسان وزير دفاعها الجنرال داود يايا إبراهيم.
وأكد وزير الدفاع التشادي، في تصريح صحفي، أن بلاده لن تشارك في العملية العسكرية ضد الانقلاب في النيجر.
وشدد: “نرغب في نجاح الجهود الدبلوماسية، ونمنح مدبري الانقلاب في النيجر كل الفرص الممكنة للتراجع عما فعلوه”.
من جهته، أعلن المجلس العسكري في النيجر، الأربعاء، إعادة فتح الحدود مع 5 دول، بعد أسبوع من إغلاقها إثر الانقلاب العسكري على نظام الرئيس بازوم.
وقال متحدث المجلس العسكري العقيد أمادو عبد الرحمن في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي، إن المجلس “أعاد فتح الحدود مع الجزائر وبوركينا فاسو ومالي وليبيا وتشاد”.
وأوضح أن القرار يسري بدءًا من الثلاثاء الموافق 1 غشت 2023.
في المقابل، تقود العديد من الدول الإفريقية الأخرى – منها نيجيريا وبنين والسنغال وغانا – تيار التدخل العسكري لحل الأزمة في النيجر.
ويتعرض قادة السلطة العسكرية الحاكمة في النيجر لضغوط كبيرة من الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى “إيكواس”، للإفراج عن الرئيس بازوم والعودة إلى الشرعية الدستورية.