المستجدات الوطنية

من المجانية إلى الموارد البشرية .. “قانون التعليم العالي” تحت مجهر النقابات

رغم ما عبر عنه الوزير عز الدين ميداوي من إرادة التعديل وتجويد صياغة مشروع قانون التعليم العالي، فإن بعض البنود والمواد الواردة ضمن النص ما زالت مستمرة في إثارة جدل متواصل في أوساط مختلف مكونات الجامعة المغربية؛ سواء من قِبل النقابة الوطنية للتعليم العالي التي تؤكد أن “مجانية التكوين الجامعي ومبدأ العمومية مهددان”، أو من نقابات الموظفين الأكثر تمثيلية في القطاع التي تصر على ضرورة “تأهيل الموارد البشرية بإحداث نظام أساسي خاص بالموظفين والإداريين والتقنيين”.

وحملت نسخة حول مستجدات مشروع قانون رقم 59.24 يتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، عرَضها عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أمام أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، تباينت آراء الفاعلين بشأنها بين “الترحيب والتثمين” لبعض المقتضيات وبين استمرار “الحذر والترقب” بشأن أخرى ما زالت محط جدل ونقاش أو “رفضٍ تام” في انتظار مسطرة التعديلات.

عبد الحق حيسان، منسق اللجنة التقنية لمناقشة النظام الأساسي لموظفي التعليم العالي عن النقابة الوطنية لموظفي وزارة التعليم العالي والأحياء الجامعية (المنضوية تحت نقابة “ك.د.ش” الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، قال إن “النقابة تنتظر التفاعل مع نحو ثلاثين تعديلا تقدمنا بها بشأن مختلف مواد القانون في صيغته الأولى كما وُضعت بالمجلس”.

وقال حيسان متفاعلا، “نثمن ما عبر عنه الوزير في عرضه داخل اللجنة النيابية للتعليم والثقافة، لا سيما تأكيده الحفاظ على مبدأ مجانية التعليم العالي بحماية ضمانات دستورية وكذا إمكانية تعديل مقتضيات التوقيت الميسر لدراسة الموظفين… غير أننا نُراقب بحذر ما يجري داخل اللجنة في ظل تبني بعض الأطياف السياسية من الأغلبية والمعارضة لبعض التعديلات والتوافق بشأنها”.

وبخصوص المادة 84 من مشروع القانون التي “تخص الموارد البشرية بما فيهم أساتذة التعليم العالي”، أفاد المسؤول النقابي ذاته بأن “الوزارة قد قبِلَت التعديل الذي عبرنا عنه وتفاعلت معه إيجابيا منذ اجتماعاتنا الأخيرة مع مسؤولي الوزارة (…) وهو ما نثمنه في انتظار تجسيده الفعلي من خلال اكتمال مسار الاتفاق على الصياغة مع الوزارة”.

ولفت المتحدث، المطلع عن كثب على تفاصيل النقاشات، إلى أننا “ننتظر تفاعلا إيجابيا ومتقدما مع أبرز التعديلات على مختلف مواد مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي، وليس تلك فقط التي تخص الموظفين بل أيضا تلك التي تهم الطلبة والهندسة البيداغوجية وغيرها من المواد التي يمكن تجويدُها لصالح تطوير المنظومة الجامعية المغربية”.

تشبث بالرفض

عبر يوسف الكواري، نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، عن أن “مشروع قانون التعليم العالي يظل تراجعيا في جوهره وعدد من مواده ومضامينه؛ رغم حديث الوزير عن ضمان مجانية التكوين الجامعي بمبادئ دستورية واضحة (..) إلا أن ذلك لا يتضح جديا من خلال العمل على مساواة دبلومات مؤسسات تكوين خاصة بجامعات ومؤسسات تكوين عمومية”.

وانتقد الكواري، متحدثا ، “استمرار إغلاق باب الحوار مع النقابة الوطنية للتعليم العالي حول مشروع القانون ومستجدات تعديله المرتقبة”. وقال إن “صلاحية الأستاذ الجامعي داخل مجالس اتخاذ القرار في الجامعات جرى تقليصها بشكل واضح من 3 أساتذة عن كل مؤسسة إلى أستاذ واحد فقط”، مردفا: “رغم تثميننا للإصلاح الذي هم توسيع صلاحيات رؤساء الشعب”.

وشدد نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي على أن “تشبثنا برفض مضامين مشروع القانون الجديد يأتي من منطلق استمرار المنظومة الجامعية في التخبط في إشكالات هيكلية: الاكتظاظ والحكامة التدبيرية”، موضحا أن “موقف النقابة الوطنية للتعليم العالي ليس مبني على مصالح شخصية لفئة الأساتذة أو يهمهم فقط؛ بل دفاعا وترافعا عما تبقى من مكانة الجامعة العمومية لتكون في مصاف التنافس الإقليمي والعالمي، خاصة من حيث بِنيات البحث العلمي”.

ودعا الكواري إلى منح “الجامعات تدبيرا ذاتيا عبر ضرورة تضمين القانون الحالي تنصيصا صريحا على استقلالية بيداغوجية ومالية وإدارية، تبتعد بالقرار عن منطق التسيير المركزي”، مؤكدا أن النقابة “تثمن بعض المضامين الخاصة بمسألة التوقيت المُيسر التي تسمح لعدد من الموظفين والأجراء متابعة مسارهم الجامعي، رغم ملاحظات تخص كيفية تنزيلها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى