أراء

العلاقات المغربية الفرنسية ..الرباط ترحب والجزائر تمتعض

في خطوة وصفت بالإيجابية قام وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرانك ريستر بزيارة إلى الرباط لتقوية الشراكة الاقتصادية وطي الخلاف

المحلل السياسي بلال التليدي يرى ان ” رؤية فرنسا للسياسة الخارجية تغيرت بشكل كامل، بعد أن تعرضت لنكسات كبيرة في منطقة الساحل جنوب الصحراء، ثم في منطقة غرب إفريقيا بعد الانتخابات الأخيرة في السينغال، التي أصعدت رئيسا للحكم يحمل مشروع التحرر من النفوذ الفرنكفوني اقتصاديا وثقافيا، بحيث أصبحت باريس ترى أن مفتاح نجاح السياسة الجديدة التي من شأنها استعادة بعض نفوذها في المنطقة أو على الأقل إيقاف مسلسل تراجعه، هو إصلاح العلاقة مع الرباط، ولو كلف ذلك أن تذهب باريس بعيدا في موقفها من الصحراء لجهة الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.”

ويقول التليدي ” زيارة وزير الخارجية للرباط في آخر شهر فبراير الماضي ولقاؤه نظيره المغربي ناصر بوريطة، حملت جديدا مهما بالنسبة إلى الرباط، فقد أعاد تصريحاته السابقة بأن باريس كانت دائما داعما أساسيا لمقترح المغربي للحكم الذاتي، وأعطى إشارات بأن موقف باريس يسير في اتجاه التقدم، وفهم من ذلك أن هناك إكراهات، تتعلق بتوفير شروط تغير سياستها الخارجية دون الإجهاز على بعض المكتسبات، فرضت على باريس أن تدبر عملية الإعلان عن الموقف الإيجابي من الصحراء، وأن باريس تطلب بعض الوقت، على الأقل حتى تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط، ويتم فيها الإعلان النهائي من قضية الصحراء.”

وحول الرباط سجل التليدي انها _ اي الرباط _ تعاملت بإيجابية وحذر مع تصريح وزير الخارجية الفرنسي، واعتمدت مقاربة «ننتظر ما سيحدث من تغير في الموقف الفرنسي»، ولم تغامر بأي خطوة تشير إلى الحسم النهائي للخلاف بين البلدين، باستثناء التمويل الفرنسي لبرنامج إصلاح التعليم، الذي تبنته وزارة التربية الوطنية، والذي تزامن مع ترتيبات زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرباط، إذ تم توقيع اتفاقيتين (قرض وهبة) بين وزارة الاقتصاد والمالية المغربية والوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة حوالي 134,7 مليون يورو (ضمنها 4,7 مليون أورو هبة)، وهو ما يمكن أن يدرج في سياق تقاطع المصالح، أي استفادة الرباط من دعم مالي يمكن من تهدئة الإضرابات التعليمية التي دامت حوالي ثلاثة أشهر، وفي الوقت نفسه، دعم الإصلاح الموسوم بـ»مدرسة الريادة» الذي تبنته وزارة التربية الوطنية، وذلك في مقابل الاستمرار في دعم تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، وتحسين مستويات تعلمها في المؤسسات التعلمية المغربية”.

أيضا يقول التليدي ” الرباط استقبلت تصريحات وزير التجارة الفرنسية بترحيب كبير، واعتبرت أن ذلك يشكل خطوة مهمة في اتجاه الاعتراف بسيادتها على الصحراء، لكنها مع ذلك، بقيت محتفظة بقدر كبير من الاحتياط والحذر، فالإعلان الفرنسي عن النية في الاستثمار، لا يحقق كل ما تريده الرباط، ولذلك، فهي لا تزال تنتظر خطوة أخرى أكثر تقدما، حين يتم تحويل النية إلى أفعال من خلال مشاريع واتفاقيات يتم المصادقة عليها في الخطوة القادمة، أي عند زيارة وزيري الاقتصاد والزراعة الفرنسيين إلى الرباط قريبا.”

اماة الجزائر فقد استقبلت الإعلان الفرنسي بامتعاض كبير، وجبهة البوليساريو اعتبرت الموقف الفرنسي الجديد استفزازا غير مقبول، بينما تحرك الرباط كل أوراقها لتدفع باريس إلى الخروج من دائرة الازدواجية والإعلان النهائي عن سيادة المغرب على صحرائه، بما في ذلك استعمال ورقة الاستثمار في الهيدروجين الأخضر الذي أعلنت الرباط بصدده عرضا مغريا أشعل منافسة المستثمرين الدوليين، وتسعى لتعبئة مليون هكتار من أجل استقبال الشركات المستثمرة (300 ألف هكتار في المرحلة الأولى)، وستكون مدينة العيون في الصحراء محورا لعدد كبير من هذه الاستثمارات، ولا تريد باريس أن تفقد نصيبها الوافر من هذا العرض الذي تعول فيه الرباط أن تكون فاعلا عالميا في مجال الطاقة النظيفة، وتعزز به الاستثمارات الضخمة التي قامت بها في مجال الطاقات المتجددة. يقول التليدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى