شهد عام 2025 أحداثا ميدانية قاسية وضعت سياسات التدبير الحضري وإدارة المخاطر أمام اختبار حقيقي.
فبين السيول الجارفة التي أغرقت مدينة آسفي، والانهيارات التي هزت مدينة فاس، كشفت الوقائع عن فجوة كبيرة بين الخطط الرسمية وواقع البنية التحتية
آسفي: فاجعة “وادي الشعبة” تعيد مساءلة البنية التحتية
لم تكن الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على مدينة آسفي في زوال 14 دجنبر الجاري مجرد حدث مناخي عابر، بل تحولت إلى كارثة إنسانية بعدما استفاق واد “الشعبة” من سباته ليتحول إلى سيل جارف.
هذا المجرى المائي الذي طالما استهين بخطورته، ابتلع في ساعات قليلة الأزقة والمنازل، مخلفا مأساة حقيقية سقط خلالها 37 ضحية.
وقد كشفت السيول، خاصة في المدينة القديمة، عن هشاشة بنيوية وعجز تام لشبكات تصريف مياه الأمطار عن مجاراة قوة الفيضان، الذي يعد من بين أعنف خمسة فيضانات في تاريخ المدينة. اذ ألحقت خسائر جسيمة بالممتلكات وعرقلة كبيرة في البنيات التحتية، مما عكس غياب الاستعداد لمخاطر موثقة تاريخيا وميدانيا في ذاكرة المكان.
فاس.. انهيارات المباني تفتح ملف “الدور الآيلة للسقوط”
وفي سياق متصل بالهشاشة الحضرية، استأثرت فاجعة انهيار مبنيين سكنيين بمدينة فاس باهتمام وطني واسع، بعدما تحولت مساكن تقطنها أسر إلى ركام في لحظات.
هذه الواقعة أعادت ملف “الدور الآيلة للسقوط” إلى واجهة الأولويات الوطنية، وكشفت عن تأخر في معالجة الأوضاع السكنية المهددة بالانهيار.
الحادث لم يكن مجرد واقعة معزولة، بل وضع “النجاعة التدبيرية” أمام تساؤلات حارقة حول مصير المنازل التي باتت مهددة وسكانها الذين وجدوا أنفسهم بلا مأوى، وقد أبانت فاجعة فاس عن حاجة ملحة لمراجعة سياسات التدخل في النسيج العمراني القديم، وتجاوز البطء الإداري الذي يسبق أحيانا وقوع الكوارث.
تطوي السنة أوراقها على وقع جراح آسفي وفاس، في رسالة واضحة بأن تدبير المدن يحتاج إلى استباقية حقيقية لا مجرد ردود أفعال.
لقد أثبتت الوقائع أن حماية الأرواح تبدأ من إصلاح أعطاب البناء والتهيئة، قبل أن تتحول “ذاكرة المكان” إلى مأساة جديدة.