مجتمع
عندما يتحول الصقيع إلى قاتل خفي على تخوم الشرق المغربي

بقلم: سيداتي بيدا/التحدي الإفريقي
لم تكن الليالي الأخيرة في المناطق الجبلية المحاذية لتويسيت، بإقليم جرادة، مجرد ليالٍ شتوية عادية، بل تحولت إلى مسرح مأساة إنسانية صامتة، راح ضحيتها مهاجرون ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بعد أن باغتهم البرد القارس وهم عالقون في مسارات وعرة لا ترحم ضعف الجسد ولا قلة الحيلة.
فمع كل صباح جديد، تكشف فصول أكثر قسوة من هذه المأساة، بعدما واصلت حصيلة الوفيات في صفوف المهاجرين غير النظاميين ارتفاعها، إثر العثور على جثث جديدة في مناطق متفرقة قريبة من تويسيت، في مشهد يعكس هشاشة أوضاع هؤلاء، وعجزهم عن مجابهة ظروف طبيعية قاسية في غياب أبسط مقومات النجاة.
ووفق المعطيات المتوفرة، كانت السلطات المحلية قد أشرفت، يوم الجمعة 14 دجنبر الجاري، على دفن ست جثث لمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، فيما تم الاحتفاظ بجثمانين آخرين بعد التأكد من هويتيهما، غير أن المأساة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ جرى في اليوم ذاته العثور على جثة جديدة، لتتوالى الاكتشافات المؤلمة خلال الأيام اللاحقة.
وفي يوم الخميس 18 دجنبر، عثرت عناصر الدرك الملكي على جثتين إضافيتين في مناطق جبلية معزولة، قبل أن يُعثر على الجثة الرابعة يوم الأحد 21 دجنبر، ليتم نقلها جميعًا إلى مستودع الأموات التابع لجماعة جرادة، في انتظار استكمال المساطر القانونية المعمول بها.
وتُعد المناطق المحيطة بتويسيت من أخطر نقاط العبور خلال فصل الشتاء، بسبب الانخفاض الحاد في درجات الحرارة، والتضاريس الوعرة، وغياب التجمعات السكنية. وغالبًا ما يجد المهاجرون أنفسهم مضطرين إلى الاحتماء بالكهوف أو بين الصخور، في مواجهة برد قد يتحول، في ساعات قليلة، إلى حكم بالإعدام البطيء.
وتعيد هذه الفاجعة المتجددة فتح ملف الهجرة غير النظامية بالمنطقة الشرقية، وتطرح تساؤلات ملحة حول نجاعة التدخلات الاستباقية ذات الطابع الإنساني، خاصة في الفترات التي تعرف ظروفًا مناخية قاسية. كما تبرز الحاجة إلى مقاربات تتجاوز الحلول الأمنية، نحو آليات حماية وإنقاذ قادرة على تفادي سقوط المزيد من الضحايا.



