الجماعات الترابية

عزلة خانقة بعد التساقطات المطرية… ساكنة جماعة الغنيميين تؤدي ثمن هشاشة المسالك

مصطفى الجمري/التحدي الافريقي

شهدت جماعة الغنيميين، بإقليم برشيد، خلال يومي 16 و17 دجنبر 2025، وضعًا مقلقًا عقب التساقطات المطرية الأخيرة، بعدما تسببت الأمطار في تدهور شبه كلي للمسالك الطرقية، مما أدخل عددًا من الدواوير في عزلة خانقة وأعاق وصول الساكنة إلى المرافق والخدمات الحيوية.

وبحسب معطيات ميدانية، فقد تحولت المسالك التي تم إنجازها في إطار ما قُدِّم على أنه مشاريع للتأهيل وفك العزلة، إلى أوحال ومقاطع غير سالكة، انهارت بمجرد أولى التساقطات، وهو ما أعاد إلى الواجهة التساؤلات حول جودة الأشغال والمواد المستعملة في إنجاز هذه المسالك.

وقد وجدت الساكنة المتضررة نفسها في وضعية شلل شبه تام، بعدما تعذر عليها الوصول إلى المراكز الصحية، والمؤسسات التعليمية، والأسواق الأسبوعية، في ظل انقطاع المسالك الطرقية. كما حال تدهور الطرق دون مرور النقل المدرسي، مما فاقم معاناة التلاميذ، خاصة القاطنين بالدواوير البعيدة عن مركز الجماعة، وهدد حقهم في التمدرس والاستقرار الدراسي.

وأكد عدد من المواطنين أن هذا الوضع لم يكن مفاجئًا، إذ سبق لمنبر التحدي الإفريقي، أن نبه في مناسبات سابقة إلى هشاشة المسالك الطرقية واحتمال انهيارها عند أول اختبار طبيعي، وهو ما تحقق فعليًا خلال أمطار 16 و17 دجنبر، لتتأكد مرة أخرى صحة هذه التحذيرات.

ويعتبر متتبعون للشأن المحلي أن ما وقع يطرح أكثر من علامة استفهام حول مساطر المراقبة وتتبع إنجاز المشاريع، ومدى احترام دفاتر التحملات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة وأن هذه المسالك لم يمض على إنجاز بعضها سوى مدة قصيرة.

وفي ظل هذا الوضع، تطالب الساكنة بضرورة التدخل العاجل لفك العزلة، وإصلاح المقاطع المتضررة بشكل مستعجل، مع فتح تحقيق جدي وشفاف حول ظروف إنجاز هذه المسالك، وترتيب الجزاءات القانونية في حق كل من ثبت تورطه في الغش أو التقصير.

وفي هذا السياق، يبرز دور المنتخبين المحليين باعتبارهم المسؤولين السياسيين المباشرين عن تتبع مشاريع البنية التحتية داخل النفوذ الترابي للجماعة. إذ تُحمّل الساكنة للمجلس الجماعي، بمختلف مكوناته، مسؤولية التقصير في المراقبة والتتبع، سواء خلال مرحلة إنجاز الأشغال أو عند التسلم المؤقت والنهائي للمسالك، وهو ما سمح بمرور مشاريع هشة لم تصمد أمام أول اختبار طبيعي.

ويرى فاعلون محليون أن المنتخبين مطالبون اليوم بالخروج من منطق الصمت، وتحمل مسؤوليتهم الكاملة عبر الترافع الجاد لدى السلطات الإقليمية والجهوية، وتفعيل آليات المساءلة، بدل الاكتفاء بتبرير الأعطاب بعوامل طبيعية متوقعة. كما أن المرحلة تقتضي الوضوح مع الساكنة بشأن مآل هذه المشاريع، والكلفة التي صرفت عليها، والجهات التي أشرفت على إنجازها.

وتبقى جماعة الغنيميين نموذجًا صارخًا لمعاناة العالم القروي مع مشاريع لا تصمد أمام أبسط العوامل الطبيعية، في وقت كانت فيه الساكنة تعوّل على المنتخبين للدفاع عن حقها في مسالك آمنة، تحفظ كرامتها، وتضمن حقها الدستوري في الولوج إلى الخدمات الأساسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى