أحداث وقضايا

فضيحة “زنا المحارم” بعين عودة.. عوامل تغذي جرائم الدم داخل الأسرة

تتصدر قضية زنا المحارم في المغرب عناوين الأخبار بين الفينة والأخرى، لتكشف حجم التهديد الذي يتربص بالمجتمع، وتعرّي وجها قاتما لانهيار القيم.

الواقعة الصادمة التي شهدتها الجماعة الترابية المنزه ضواحي الرباط، حين أقدم أب على اغتصاب ابنته وإنجاب ستة أبناء منها، ليست مجرد حادثة معزولة، بل مؤشر خطير على انتشار انحراف يضرب عمق الأسرة المغربية.

في تفاصيل القضية، قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط إيداع الأب المتهم الرئيسي بسجن تامسنا رهن الاعتقال الاحتياطي، فيما شملت المتابعة ابنته الضحية التي وضعت في جناح النساء، في حين أودعت ابنتها القاصر مركز حماية الطفولة بفاس.

أما الزوجة التي تكبر زوجها بـ 13 سنة، فتمت متابعتها في حالة سراح بعدما تبين تسترها على الجريمة.

هذه الفضيحة التي تعود فصولها إلى 2005 سلطت الضوء على هشاشة الوضع الاجتماعي لهذه العائلة، وتواطؤ الصمت من محيطها، بما في ذلك أعوان السلطة بالمنطقة.

بين قول الدين وتآكل القيم

من منظور ديني، يضع الإسلام جريمة زنا المحارم في خانة الكبائر التي تهدم مقاصد الشرع في حفظ النسل والعرض، ويعتبرها من أشد صور الفساد التي تستوجب التعزير الصارم.

لكن في مقابل وضوح المرجعية الدينية، يبدو أن الواقع الاجتماعي يعاني من تآكل متزايد للقيم، حيث صارت بعض الانحرافات تجد بيئة خصبة في ظل هشاشة البنية الأسرية، والفقر والجهل وغياب التوجيه.

الثورة الجنسية والإعلام.. من التحرر إلى الانحراف

لا يمكن عزل مثل هذه القضايا عن السياق الثقافي والإعلامي العام. فالثورة الجنسية التي تشهدها المجتمعات، والمغلفة بشعارات براقة من قبيل “جسدي ملكي” و”جسدي حريتي” و”حريتي فوق كل اعتبار”، تحولت إلى مطية لتبرير السلوكيات المنحرفة، في غياب الضوابط الأخلاقية والمرجعيات الدينية.

الإعلام بدوره، مع شبكات التواصل الاجتماعي، ساهم في تسعير (من السعار) الشهوات عبر المحتوى المغرب في الإيحاءات الجنسية، سواء في الدراما أو السينما أو الأغنية أو حتى البرامج الترفيهية، مما جعل المتلقي، وخصوصا الشباب، يعيش حالة من الإشباع الوهمي للغرائز على حساب ترسيخ قيم العفة والحياء.

الثقافة الحقوقية العوجاء ورفع التجريم عن الزنا

من أخطر ما يواجهه المجتمع المغربي اليوم محاولات بعض الأصوات الحقوقية والسياسية الساعية إلى رفع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وشرعنة الزنا تحت شعار “الحريات الفردية”. هذا الخطاب، الذي يُسوّق في بعض الدكاكين السياسية والإعلامية، يفتح الباب أمام انهيار ما تبقى من منظومة القيم في المغرب، ويشرعن الانحرافات التي تهدد استقرار الأسرة والمجتمع.

المطلوب.. تعبئة ويقظة شاملة

قضية عين عودة تعكس خطورة السكوت عن الانحرافات داخل الأسرة، وتبرز الحاجة إلى يقظة مؤسساتية ومجتمعية لمواجهة هذه الظاهرة.

فالجانب الزجري مهم، لكن الأهم هو تحصين المجتمع عبر التربية الدينية السليمة، والإعلام المسؤول، والسياسات الاجتماعية الداعمة للأسرة، وإعادة الاعتبار للقيم الأخلاقية.

إن زنا المحارم ليس مجرد جريمة جنائية عادية، بل هو قنبلة تهدد صلة الرحم، وتهدم الأسرة من الداخل، وتفتح أبواب الفوضى الأخلاقية. وما لم يتدارك المغرب هذا الانحدار، فإن أمثال هذه الفضائح ستتحول من وقائع صادمة إلى مشاهد اعتيادية، وهو ما سيعصف بالهوية والقيم التي طالما شكلت حصن المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى