محاكم وقضاء

الفصل 507 من القانون الجنائي بين مطرقة الأخبار الزائفة وسندان المروجين له

في العالم الموازي، عالم مواقع التواصل الإجتماعي، حيث لا علم لرجال القانون بهذا المستجد القانوني الغريب جدا، أصبح الكل يتحدث عن المصادقة على الفصل 507 من مجموعة القانون الجنائي، انتشرت كالنار في الهشيم العديد من المنشورات من هذا القبيل، وانطلقت التحليلات والأحكام، وطفت على السطح مرة أخرى كائنات مجهرية لا نراها إلا عند ظهور الأخبار الزائفة، لتعيد إحياء الخبر الزائف وهي تعلم العلم اليقين على أن الخبر محل التداول هو خبر زائف، وأن نشره وتعميمه لا يرجى منه إلا حصد التفاعل، وتغليط الرأي العام، وخلق قاعدة من الجماهير التي بدورها لا تملك الشك ولا السؤال.

وللأمانة الفصل 507 تم التنصيص عليه من خلال مجموعة القانون الجنائي، وليس كما قيل على أن هذا الفصل منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية، لأن المادة 507 من ق م ج موضوعها مختلف كل الاختلاف عما يروج له، هذه المادة والتي يستفاد منها النتائج التي تترتب عن حسن سيرة الحدث والبطاقة العدلية…. إلخ، وكملاحظة قانون المسطرة الجنائية يضم مواد وليس فصول، كما روج له، والفرق بينهما كبير.

صدر أول قانون جنائي سنة 1913 أي سنة بعد الحماية الفرنسية على المغرب، وفي سنة 1963، دخلت مجموعة القانون الجنائي الجديدة حيز التنفيذ.

وعرفت سنة 2015 وهي سنة السيد وزير العدل السابق الأستاذ مصطفى الرميد العديد من الاصلاحات الجوهرية، طالت هذا القانون وقوانين أخرى لم ترى النور بعد.

الفصل 507 من مجموعة القانون الجنائي و الذي نص على ما يلي : يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح، حسب مفهوم الفصل 303، سواء كان ظاهرا أو خفيا، حتى ولو ارتكب السرقة شخص واحد وبدون توفر أي ظرف آخر من الظروف المشددة.

وتطبق نفس العقوبة، إذا احتفظ السارقون أو احتفظ أحدهم فقط بالسلاح في الناقلة ذات المحرك التي استعملت لنقلهم إلى مكان الجريمة أو خصصت لهروبهم

عندما يطبق القاضي مقتضيات الفصل 507 فإنه يعتمد كذلك على الفصلين 146 و 147 من مجموعة القانون الجنائي، ( الظروف القضائية المخففة)، في إطار سلطته التقديرية، وينص الفصل 146 من مجموعة القانون الجنائي : إذا تبين للمحكمة الزجرية، بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها، أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة، أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم، فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف، إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك.

ومنح الظروف المخففة موكول إلى تقدير القاضي، مع التزامه بتعليل قراره في هذا الصدد بوجه خاص، وآثار الظروف المخففة شخصية بحتة، فلا تخفف العقوبة إلا فيما يخص المحكوم عليه الذي منح التمتع بها.

ومنح الظروف المخففة ينتج عنه تخفيف العقوبات المطبقة، ضمن الشروط المقررة في الفصول التالية.
الفصل 147 : إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي الإعدام فإن محكمة الجنايات تطبق عقوبة السجن المؤبد أو السجن من 20 الى 30 سنة.

واذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤبد فإنها تطبق عقوبة السجن من 10 إلى 30 سنة.

واذا كان الحد الأدنى للعقوبة المقررة هو 10 سنوات سجنا فإنها تطبق السجن من 5 إلى 10 سنوات أو عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس.

واذا كان الحد الادنى للعقوبة المقررة هو 5 سنوات سجنا فإنها تطبق عقوبة. الحبس من سنة إلى خمس.
واذا كانت العقوبة المقررة هي السجن من 5 إلى 10 سنوات فإنها تطبق عقوبة الحبس من سنة إلى خمس.

وإذا كانت العقوبة الجنائية المقررة مصحوبة بغرامة فإن محكمة الجنايات يجوز لها أن تخفض الغرامة إلى 120 درهما وأن تحذفها…

فالقاضي يمنح ظروف التخفيف، اذا كانت العقوبة المقررة قانونا وهي المؤبد، في بعض الأحيان قد يجد القاضي أن العقوبة قاسية فيحكم على الشخص من 10 إلى 20 سنة، كما هو مبين أعلاه، نحن هنا لسنا بصدد تحليل أو قراءة للمواد السالفة الذكر، وإنما يأتي هذا المقال من أجل تنوير الرأي العام من خلال التصدي للخبر الزائف أعلاه.

المعلوم أن جرائم السرقة تختلف من جريمة إلى أخرى، المجرم، الأداة، الوسيلة، الأشخاص، الأمكنة، الزمان، ظروف التخفيف، ظروف التشديد، حالة العود ( ظروف وملابسات ارتكاب الجريمة).

الخلاصة : الفصل 507 هو فصل تم التنصيص عليه في مجموعة القانون الجنائي وليس في قانون المسطرة الجنائية كما يروج له البعض.

الفصل 507 هو فصل يتم تطبيقه منذ سنوات وليس حديث التشريع أو المصادقة حسب ما يروج.
الفصل 507 هو فصل متعلق بظروف التشديد التي تقترن بجريمة السرقة ( حمل السلاح…)

القانون لم يسلم من الأخبار الزائفة، حيث أضحت المعلومة القانونية بدورها بين مطرقة الأخبار الزائفة وسندان المروجين لها، ولم يعد الخبر حكرا على الصحفي، بل أصبح لكل مستعملي المواقع الاجتماعية إمكانية سهلة وسريعة في نشر وترويج الأخبار، سواء كانت صحيحة أو زائفة، مما يكون معه في الكثير من الأحيان الصعوبة في التمييز بين الخبر الصحيح والخبر الزائف، وهذا ما ترجمه المشرع المغربي من خلال تجريمه لهذه الأفعال من خلال النصوص القانونية المؤطرة لها.

الأخبار الزائفة تعيد للواجهة إشكالية غياب ثقافة تحري الخبر اليقين قبل نشره وترويجه، إن هذا النوع من الأخبار من شأنه تضليل الرأي العام، ناهيك عن النتائج الأخرى التي تترتب عنه، البحث عن الخبر يتم عن طريق القنوات والجهات الحكومية والأمنية والإعلامية الموثوق بها.

وهذه دعوة للجميع بضرورة التقيد بالضوابط القانونية، والتحري والتأكد من صحة الأخبار قبل نشرها وترويجها.

تنص المادة 72 من القانون رقم 88.13 المتعلق بقانون الصحافة والنشر على أنه يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم كل من قام بسوء نية بنشر أو إذاعة أو نقل خبر زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس بأية وسيلة من الوسائل ولاسيما بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية وأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى