أراء

عين على الهامش.. ماذا عن تمويل الحملات الانتخابية بأموال الاسكوبارت؟

جمال التودي/التحدي الافريقي

اذا كانت وزارة الداخلية حاولت قدر الامكان تحيين الترسانة القانونية المتعلقة بتنظيم العملية الانتخابية في مجملها، وذلك لتطويق كل ما من شأنه افراغ عملية الاقتراع من مضمونها الديمقراطي، والتشكيك في مسلسل الاستحقاقات في رمته، سواء من حيث التقطيع الترابي، أو الحملة الانتخابية، أو على مستوى تمويل الاحزاب لتلك الحملات الانتخابية، لان استغلال الاموال القدرة التي تخرج عن رقابة المؤسسات الرسمية تجعل كل العملية الانتخابية تفتقد للمشروعية، وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المنتخبين وتفرغه من مضمونه، مما يجعل المتتبعين يتسائلون عن مصدر تمويل جل الاحزاب بتاونات لحملتها الانتخابية..

نعم، لا يمكن التشكيك في تمويل جل الفاعلين السياسيين بالاقليم، ولكن هناك نماذج تطرح عليها أكثر من علامة استفهام، خاصة بعض الوجوه التي كانت تنتمي لأحزاب تاريخية تحترم نفسها ويؤطر عملها القانون، كما تتعامل مع تمويل الحملات الانتخابية وفق ما يفرضه المنطق السليم المؤسس على أخلاقيات المباديء السياسية، الا أن الامر يتعلق بحرمان بعض الوجوه،سابقا، من التزكية البرلمانية لعدة أسباب ذاتية وأخرى موضوعية.

مما جعل تلك الكائنات الانتخابية تنزل من كفة حزب وتصعد الى كفة حزب آخر الذي اصبح يعرف عند العامة بحزب الاسكوبارات من اجل حجز تذكرة توصلهم الى بر الامان، في ظروف جعلت مناضلي بعض الاحزاب في ذهول واستغراب يتسائلون عن الأسباب الحقيقية التي جعلت ممن كانوا يتبجحون بولائهم لتاريخ حزب عريق، والافتخار بالانتماء لقامات الموقعين على الوثيقة التي أسست لتحرير الوطن من ربقة الاستعمار.

لكن المصلحة الضيقة، والانانية المفرطة جعلت بعض السياسيين يتنكرون للتاريخ والنضال والمباديء، في اول اختبار سياسي واجههم في بعض المحطات الانتخابية التي لم يظفرو فيها بتزكية تؤهلهم للتنافس على مقعد برلماني بالطرق الشرعية، ولو على حساب حرق حقبة ليست بالسهلة التي صنعت منهم مناضلين!! ولقنتهم ابجديات السياسة.

لكنهم لم يتملكو الصبر لينتظروا دورهم ليصلول بتمهل الى مراكز القرار، بل نهجوا سياسة حرق المراحل، ولم يكلفوا أنفسهم التريت لفهم المصوغات التي جعلت الاحزاب المعلومة يفضلون تعويضهم بمرشحين راكموا من التجربة والحنكة السياسية ما يؤهلهم لتقلد منصب برلماني بدلا منهم ..

أحيانا سياسة حرق المراحل تجعل بعض الكائنات الانتخابية يسلكون مسارات قد تطرح بعض الشكوك، خاصة اذا كان الامر يتعلق بامتلاك او فقدان القدرة والسير بثبات وبطرق مشروعة..

هنا تطرح أكثر من علامة استفهام حول الوسائل المادية واللوجستيكية التي ستسعف “الزعماء الخارقون” الذين بعثروا الاوراق المشروعة التي تنبني عليها اللعبة السياسية والتي وضعتها وزارة الداخلية من أجل ترتيب دواليب اللعبة الانتخابية..

هيهات ثم هبهات، يبدو ان “السياسيين المناورين” رتبوا كل الاوراق ونسقوا كل الخطط لجعل حملتهم الانتخابية تنبني على ضمانات لا يهم طبيعتها ان كانت تقوم على وسائل مشروعة أو مصادر تمويل مشبوهة، المهم ان الغاية تعفي كل متتبع عن التسائل عن الوسيلة.

كيف لا وان المعنيين بالأمر قد اطلعوا على الافكار السياسية للتيارات الفكرية البرغماتية، فهم من من تشبعوا بأفكار “كتاب الامير” لمكيافيلي الذي استقوا منه مناهجهم في التعامل مع السياسات التي تمنحهم القدرة على المناورة وتعطيهم الاليات التي تقنع المخاطبين والناخبين بان المصالح الذاتية أولى من المصالح العامة، وأحيانا يستغلوا سداجة وثقة الناخبين المتعطشين للاصلاح بتلك المنطقة، ولو بتركهم يمارسون فلاحتهم التي تجود عليهم ببعض الدريهمات رغم سيطرة أباطرة الكيف على تلك المنطقة، ولكن مصائب قوم عند قوم فوائد، فأحيانا تخدم بعض الظروف محترفي الانتخابات، لان “الكيف” كان نقمة.

أما بعد التقنين فقد أصبح نعمة، سواء من الجوانب المشروعة التي جعلت السكان يستفيدون من تراخيص للاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي، حيث منحت أكثر من 3371 ترخيص خلال سنة 2024، حسب تصريح الوكالة الوطنية لتقنين الانشطة المتعلقة بالقنب الهندي، كما تمت زراعة أكثر من 2169 هكتار من القنب الهندي المشروع من قبل 2647 فلاحا، بحيث ارتفعت المردودية ب 20 قنطارا للهكتار خلال السنة الفارطة..

نسبة مهمة للفلاحين، ولكن فرصة أكثر أهمية لمحترفي الانتخابات رغم اشكاليات التمويل التي تطرحها المرحلة…

لا يهم مصادر التمويل لحملتهم، ولا طبيعة التحالفات، كل ما يهم في هذا السياق هو استمرارية ذلك التمويل، حتى وان كانت الدولة حسمت الامر وحددت بدقة السيولة التي تمنح لكل حزب لتدبير حملته…

و احيانا تكون بعص الاصلاحات التي تباشرها الدولة في صالح بعض رجال السياسة المحليين، خصوصا اذا تعلق الامر بتقنين القنب الهندي، هذا المعطى جاء في صالح بعض الوجوه السياسية التي نسجت علاقات وطيدة مع بعض أباطرة “العشبة” بالمنطقة، مما يطرح بعض التساؤولات عن أسباب الدفاع عن حق الساكنة في توسيع مساحات استغلال القنب الهندي.

وما هي الخلفيات السياسية وراء وضع برنامج لتتبع الاشخاص المبحوث عنهم ومعرفة بعض الامور الدقيقة التي تخص أحوالهم، علما أن الدولة أعفت مجموعة من الذين كانوا متابعين في قضايا القنب الهندي، واستفادوا من العفو الملكي.

هي مبادرة ايجابية، ولكن بعض أباطرة الكيف يوظفونها لمأرب انتخابية، وأهداف سياسوية..

يتم استغلال تلك المباردة النبيلة على واجهتين، سواء بتمويه الساكنة بأن المنخبين هم الذين حققوا تلك المطالب الخاصة بالتقنين والاعفاءات وغيرها من المكاسب التي باشرتها الدولة للتخفيف عن سكان المنطقة هواجس المتابعات، وفتح مرحلة جديدة تجعل الساكنة في مأمن عن المخاوف التي هددت حياتهم لسنوات..

غير ان مثل هذه المبادرات التي اطلقتها الدولة لاهداف طبية وصناعية فيما يخص استعمالات “الكيف”، جعل بعض ممتهني الانتخابات وأباطرة القنب الهندي يهندسون سيناريوهات وخطط تتجه في صالحهم وتخدم أهدافهم، على اعتبار ان تقنين الكيف يطرح بعض الشكوك فيما يتعلق بربط علاقة مباشرة مع اسكوبارات لتمويل الحملات الانتخابية، وكيف تم و سيتم توظيف أموال مهمة تفوح منها رائة “الزطلة” في تمويل الحملات الانتخابية، بعيدا عن مراقبة المؤسسات الرسمية، خاصة وأن المجلس الاعلى للحسابات وضع يده على خروقات واضحة فيما يتعلق بكيفية صرف أموال دعم بعض الاحزاب لحملاتها الانتخابية والفرق الشاسع بين ما صرف وما تجاوز الحد القانوني المسموح به لتلك الاحزاب..

الامر يتعلق بمعرفة مصدر تلك التمويلات وكيف يمكن تبريرها، هذا على مستوى الاحزاب المركزية وما بالك اذا تفضل قضاة المجالس الجهوية للحسابات وتسليط الضوء على مصادر بعض الاموال للاحزاب باقليم تاونات، التي تنسج علاقات بمناطق القنب الهندي وكيف يؤثر ذلك على تغيير موازين القوى بالاقليم، خاصة أن كواليس الحملات الانتخابية بينت ان بعض البرلمانيين تصرفوا بسخاء مع “بقشيش” الحملة الانتخابية، مما جعلهم يحسمون المعركة السياسية مع بعض المنافسين الذين اعتقدوا ان ولوج الصراع السياسي تكفيه صياغة وحياكة برامج ووعود رنانة، ونسوا ان قوة المال تحسم المعركة قبل بدايتها ولا يهم مصدر تلك الاموال، مادامت النتيجة مضمونة، وان المقعد البرلماني في “الجيب” كما يروج في الشارع التاوناتي..

بالفعل، لقد اختلطت الاوراق فيما يتعلق بتمويل الحملات الانتخابية، وأصبح بعض السياسيين في بعض الدوائر المحسوبة على مناطق القنب الهندي تروج ما تحقق من مكتسبات لصالحها، مما يستدعي تدخل قضاة المجلس الاعلى للحسابات، وتوسيع دائرة الافتحاص لوضع النقط على الحروف، والتدقيق في الاموال التي صرفت بسخاء، يبذو انها فاقت الحد المعقول، بل أصبح ممن يستفيذ من هذه الامتيازات الجغرافية يتبجح بعلاقاته مع أباطرة “الكيف” او “الاسكوبارات المدينة”..

فالامر لم يعد يحتمل غض الطرف او اعمال ” نظارات شمسية” لتغيير الحقائق او ترك الامور تسري كما مرت في الانتخابات السابقة، قد تستفحل الامور الى ما لا تحمد عقباه، اذا بقيت حليمة على طباعها القديمة…

فهل للسلطات الاقليمية عيون واذان تشخص هول الظاهرة التي يختلط فيها نبل التقنين للقنب الهندي، والاستغلال السياسوي لتلك العشبة الربانية التي جعلت منطقة تاونات يصل صداها الى العالمية من باب الكيف..فهل نأخد العبرة ونعتبر من خلال الاستعمال الطبي والصناعي لها، دون فرط المناورات الانتخابية التى تضع البعض في دائرة الشكوك..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى