المستجدات العربية

بعد إشعالها أزمة مع دول الساحل.. الجزائر تتجه إلى صدام مفتوح مع روسيا

في منعطفٍ دبلوماسي مُفاجئ، وجدت الجزائر نفسها في موقف بالغ الحساسية بعد عودتها إلى أحضان التعاون الأمني مع فرنسا، بينما تشهد علاقاتها مع روسيا – الحليف الاستراتيجي الجديد لدول الساحل – تصدعات غير مسبوقة.

وجاء هذا التطور في أعقاب الأزمة التي اندلعت بين الجزائر وتحالف دول الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) بعد إسقاط الجزائر لطائرة مسيرة مالية قرب الحدود، مما أثار موجة من التوتر الإقليمي.

وتشير تحليلات سياسية إلى أن تصاعد الخلاف بين الجزائر ودول الساحل لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بعد أيام فقط من اجتماع قادة هذه الدول في العاصمة الروسية موسكو، حيث ناقشوا تعزيز التعاون العسكري مع روسيا، بما في ذلك تصنيع الأسلحة وتطوير القدرات الدفاعية محلياً.

ويُنظر إلى هذا التحالف على أنه محاولة من دول الساحل للتحرر من الهيمنة الغربية، خاصة بعد طرد القوات الفرنسية وسحب الثقة من الدبلوماسية الأوروبية.

ولكن هذا التوجه يتعارض جذرياً مع السياسة الجزائرية، التي أعلنت مؤخراً عن إعادة تفعيل شراكتها الأمنية مع فرنسا، بل وإطلاق “حوار استراتيجي” مع باريس حول مستقبل الساحل. وهو ما يضع الجزائر في موقف متناقض.

وتصاعدت حدة المواجهة عندما اتهمت مالي الجزائر بـ”دعم الإرهاب الدولي” ردا على إسقاط الطائرة المسيرة، فردت الجزائر ببيانٍ لاذع وصفَت فيه النظام المالي بـ”الانقلابي”، واتهمته باستقدام “المرتزقة” – في إشارة واضحة إلى مجموعة “فاغنر” الروسية.

وهذه التصريحات لم تكن موجهة إلى مالي فحسب، بل تضمنت انتقادات غير مباشرة لروسيا، التي تدعم حكومات الساحل وتعتبرها شرعية.

وهنا تكمن المفارقة، فبينما تتبنى الجزائر خطاباً مناهضاً للانقلابات، تروج موسكو لشرعية هذه الحكومات وتزودها بالسلاح والتدريب. وهو ما قد يفتح الباب لتصاعد التوتر بين الجزائر وروسيا، وإن كان ذلك بشكل غير مباشر في المرحلة الحالية.

ويبدو أن روسيا ستستغل هذا الشرخ لتعزيز نفوذها في المنطقة، عبر زيادة الدعم العسكري والتقني لدول الساحل، مما قد يُضعف قدرة الجزائر على لعب دور الوسيط أو حتى ضبط أمن حدودها الجنوبية.

والأسوأ من ذلك أن أي تقارب جزائري فرنسي سيزيد من شكوك جيرانها، الذين يعتبرون باريس عدواً تاريخياً.

وستجد الجزائر نفسها معزولة في محيطها الإفريقي، بينما تزداد قبضة موسكو على المنطقة، في سيناريو يهدد بتقويض الدور الإقليمي الذي طالما سعت الجزائر إلى ادعائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى