أراء

جماعة أغبالة إقليم بني ملال.. مجلس جماعي على سرير الإنعاش

ذ/ مولاي زايد زيزي..مدير نشر موقع التحدي الإفريقي

شهدت معظم الجماعات الترابية بالحزام الجبلي بالأطلس المتوسط المركزي، أوراشا ومشاريع تخص البنية التحية وغيرها في المسار التنموي، ذلك بفضل نهج مجالسها البلدية أو الجماعية تدبيرا محكما لشؤونها، باستثناء جماعة أغبالة، معقل قبائل ٱيت سخمان ومهد المعركة الشهيرة “تازيزاوت”.

جماعة كانت إبان العقود الثلاثة ما بعد الاستقلال، تعيش الرفاهية والجمالية، وكانت توصف بإفران الصغيرة، تضاهي باقي الجماعات حيث كان الزائر يشتاق للعودة بزيارتها كلما رحل عنها.

يتذكر أبناء أجيال الخمسينات إلى السبعينيات رونق أزقتها ودروبها وبساتينها وحدائقها العمومية التي لم ير لها مثيل بالأطلس المتوسط، أضف إلى منبعها “أغبالو”، مهد حضارتها بمياهه الذهبية المتدفقة، وبمسبح في منتهى التصميم يتوسط الحديقة العمومية وملعب جماعي لكرة القدم، الذي سبق وأن استقبل رجاء بني ملال بطل المغرب لسنة 1974 وفرق أخرى بالمنطقة، إثر دوري رياضي تم تنظيمه تدشينا للملعب، دام يومين، سنة 1968. ولا يمكن استثناء الثكنة العسكرية بهضبة كدية “تاسنفيت” التي كانت مركز جنود الفروسية، دون وصف كرم أهلها وشجاعة رجالاتها ونسوتها.

ذلك حريق أفئدة كل عشاقها في تلك العقود، من باب النوستالجيا، لذكريات كانت راسخة في الأنفس المؤلمة بفقدان زمان جميل مليئ بالحب والسعادة، تحت تدبير محكم لمجلس قروي أنذاك، برئاسة رجل أمي، ذو شهامة وكاريزما لا توصف غالبا ما نراه على بهيمته عوض سيارة “ج”، وكان بغله بدوره يسر الناظرين، ولا يمكن تشبيه الرئيس السالف لأي خلف من السياسيين الحاليين.

وبعد تعاقب المجالس التدبيرية لشؤونها توالت العشوائية في كل شيء وتوالى الدمار والخراب لكل المٱثر والمؤهلات السياحية مع هدم ٱخر معالم ذاكرتها في بناية الحرس القديم ومربط فرسان القوات المساعدة التي كان يحسب لها ألف حساب، وكان الجميع يهاب رجالاتها الأشداء الأقوياء.

الٱن لم يبقى اي شيء فيما تم ذكره، بسبب السياسة الرعناء لسياسويين، فاشلين في كل شيء إلا في فن قسمة بعض الغنائم تحت الطاولة في صفقات مشبوهة، نخص بالذكر صفقة اقتناء عقار “إمي نوفسو” من أجل تحويل فضاءات السوق الأسبوعي الذي سيطاله الزمان والنسيان بسبب انعدام رؤية البعد في استراتيجية المخطط التنموي الجماعي، عكس التخطيط للربح السريع دون خوف من ربط المحاسبة بالمسؤولية، حيث لا يخشون الزج بهم في مزبلة التاريخ.

مجلس جماعي يترأسه شخص حاصل على الدكتوراة في علم من العلوم يجهله العموم، بعيد على بلدته بأكثر من 450 كلم، يتحكم في التفاهات بزر سحري وغالبا ما يحضر دورات المجلس مكرها، لمناقشة وتداول نقط بجدول الأعمال لا تتماشى مع تطلعات الساكنة، التي سئمت من الأوضاع المزرية والركود التام.

والأوضاع هكذا، بدأ معظم السكان يفكر في الهجرة بعيدا عن البؤس، حيث في كل يوم نلاحظ تزايد ألواح معلقة على ابواب المنازل مكتوب عليها “للبيع”.

شباب طموح ومتعطش للمساهمة في المجال التنموي سواء في الرياضة أو الثقافة أو في الاقتصاد، لكن للأسف والحسرة، ليس في قاموس المجلس الجماعي أي بادرة في المجالات، لا ملاعب القرب ولا مركب رياضي ولا مسبح جماعي ولا دور الثقافة ولا مناطق خضراء ولا تهيئة تخص جمالية المدينة ولا ولا ولا.،. إلا ما يحز في النفس رغم بعض المبادرات المحتشمة لبعض الجمعيات النشيطة التي تحاول العمل بالوكالة في تخصصات مجلس يئن على سرير الإنعاش.

مجموعات “واتسابية” بمنصات وسائل التواصل الاجتماعي تحاول ململة الأوضاع، تناقش وتتحاور لعل صوتها يسمع، تترجل لتقديم مقترحات لمجلس خارج التغطية، إلى أن بدأ حماسها يتلاشى مع مرور الأيام لعدم تفعيل اي اقتراح من توجيهاتها على أرض الواقع، مما يؤكد أن الجميع يعاني جرعة زائدة من الإحباط.

لك الله يا بلدتي، فقد هرمنا كما يشاع،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى