أزمة عقلية.. أزمة التعليم العالي المنخفض
ذ/مصطفى بوكريم/التحدي الإفريقي
استيقظنا صباحا على معلومة مفادها أن الامازيغية لغة أجنبية ثانية أو ثالثة أو رابعة لا يهم، المهم أن لغة رسمية لبلادنا باتت في اعتبار مدرسة متخصصة ووحيدة في مجال الترجمة بالمغرب لغة لا علاقة لنا بها ولا تشكل جزءا كبيرا من هوية البلاد، واصبحنا بين ليلة وضحاها أجانب هل تصدقون ذلك؟
لا يزال في مغربنا الحبيب مسؤولين يفضلون أن يكونوا الكل في الكل “انا بوحدي نضوي الادارة” بعدم التشاور مع مختلف الفاعلين من أساتذة وإداريين والتريث في صياغة الإعلانات والقرارات التي تحتاج أخذا وردا حتى تخرج النسخة النهائية لأي منشور قابل للنشر للعموم، لفعل ما يلزم من تصحيح الأخطاء اللغوية وتنسيق النصوص واختيار الكلمات الدالة بعناية…
من جهة أخرى، فإن خطوة مدير المدرسة في عدم التفاعل مبكرا مع منشور المذكرة لاستقبال الطلبة الجدد من المرشحين لولوج المدرسة، له من الدلالات الشيء الكثير، دون إدراك او إيمان بأن عصر تصرف الإدارة كيفما يحلو لها دون مراقبة وحساب وانتقاد قد انتهى، وهو الأمر الذي لم يتقبله بعد بعض مسؤولي هاته البلاد، والنتيجة ضجة كبيرة وتفاعل واسع واستهجان كبير لخطوة لا يجب أن تصدر من مؤسسة تعليمية بمكانتها الكبيرة لا سيما وهي تتعامل مع موضوع شديد الأهمية ومرتبط بالهوية وثقافة المواطنين الراسخة.
ما زاد الطين بلة هو استهانة مدير المؤسسة بعدم تعديل الأمور إلا بعد فوات الأوان، وهو ما له معنى واضح يتجسد في لامبالاته تجاه اللغة الأمازيغية، فبالرغم من ما جاء في بلاغ الاعتذار المتأخر جدا جدا وجدا من إشارة إلى الاهتمام باللغة الامازيغية، لكن التأخر غطى على ذلك كله، فتصور أن يصاغ إعلان مشابه في بلد آخر يصنف لغته الرسمية لغة أجنبية ماذا كان سيفعل مدير المدرسة والوزير المعني أنذاك؟ طبعا الجواب واضح الاستقالة أو الإقالة، لكن في بلدنا الحبيب وزير التعليم العالي يرتكب الأخطاء واحدة تلو أخرى دون محاسبة لحد الآن، ولكن برقيب من الأساتذة والطلبة والرأي العام ككل الذين ينتقدون تدبيره الضعيف لقطاع التعليم العالي الذي اتسم بالانحدار والانخفاض في ولايته.
وزير فشل في حل كل الأزمات التي تسبب فيها أو التي نتجت عن عدم تفاعله السريع مع قضايا تهم مهام وزارته يتقاضى مقابلها أجرته الشهرية وتعويضاته مع مجموعة من ساكنة ديوانه إلا يوجد فيهم رجل أو إمرة من الحكماء ممن ينصحون الوزير أم انه لا يستشير المستشارين الموضوعين رهن إشارته من أجل تقديم الاستشارة باسم شعار “انا وحدي نضوي البلاد”، وتلك معضلة كبيرة جدا، فملف الأطباء الطلبة مثلا دون حل إلى الآن لمدة أشهر ونحن على مشارف ساعات أو لحظات من انقضاء السنة الدراسية وإغلاق الكليات أبوابها، فماذا هو فاعل، لا شيء في الافق المنخفض يشير إلى حل قريب.
الوزير الذي جاء بتعديلات بخصوص النظام الجديد للدراسة الجامعية والرحلات المكوكية في كل جامعة لشرح مستجدات نظام جميع أسلاك الإجازة والماستر والدكتوراه وتبذير المال العام في الامور التافهة بدل التركيز على الجوهر، مستجدات نظام جامعي طبعا لم يبذل فيها أي جهد، فقط اكتفى بنقلها من النموذج الفرنسي، النموذج المحبب لدى المسؤول المغرب ونسخ التجارب وإلصاقها على صفحة وزارته، لا إبداع في خلق البرامج ولا اجتهاد فقط نسخ، والنسخ لا بد أن تنمحي أسطره لهذا يستحق هذا الوزير إعفاء مباشرا من مهامه دون تأسف على عهده الوزاري العامر بالتجارب الفاشلة التي لم يتعلم منها أبدا، وتكفي العودة إلى فترة ترؤسه لجامعة القاضي عياض لاضافة تجارب اخرى تحكي الكثير عن مسار الفشل هذا…