حوادث

“الثلاثاء الأسود” بالناظور..شهادات صادمة يرويها ناجون من مغامرة الهجرة عبر الفانتوم

مازالت الأسر المكلومة بفقدان أبنائها في “الثلاثاء الأسود” بالناظور تعيد شريط الأحداث متحسرة على المأساة التي أودت بحياة عدد من شبان المنطقة الذين كانوا يحاولون الوصول إلى الجنوب الإسباني.

ووفق الحصيلة التي أعلنتها السلطات المحلية بإقليم الناظور ، فإن 8 أشخاص لقوا مصرعهم غرقا بمياه البحر الأبيض المتوسط، مساء الثلاثاء 27 فبراير ، أثناء محاولة للهجرة غير النظامية قبل أن ترتفع الحصيلة لاحقاً إلى 10.

وأوضحت أن الضحايا كانوا ضمن مجموعة من المهاجرين غير النظاميين استقلوا قاربا مطاطيا في محاولة لعبور البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من منطقة تشارانا-بومحفوض جماعة بني شيكر، قبل أن ينقلب القارب بسبب سوء الأحوال الجوية، التي سجلت هبوب رياح قوية وارتفاع لعلو أمواج البحر.

ناجون من الكارثة أفصحوا عن شهادات صادمة و ذلك عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، حيث سردوا تفاصيل مهولة عن المأساة التي أودت بحياة أشخاص في ريعان الشباب.

و يقول محمد وهو ناج من الفاجعة و ينحدر من جماعة تفرسيت إقليم الدريوش، أن عدد المرشحين للهجرة في ذلك اليوم الأسود كانوا 60 شخصاً وتم نقلهم إلى غابة ضواحي الناظور مساء الإثنين يوم واحد قبل الفاجعة.

و أوضح أنهم انتقلوا بعد ذلك لقرابة ست ساعات مشيا على الاقدام في جنح الظلام وسط الغابات الموحشة و الأودية إلى منزل مهجور في ربوة يطل على البحر، في انتظار السماح لهم بركوب “الفانتوم”.

و كشف ذات الناجي من الكارثة أن المنظمين لعملية الهجرة السرية اقترحوا عليهم ركوب البحر في الثالثة فجرا من صباح الثلاثاء، إلا أنهم تراجعوا بعد ذلك بسبب هيجان البحر ، وهو ما تسبب في خلاف بين المرشحين للهجرة و المنظمين.

و أضاف أن القائمين على العملية تلقوا اتصالا أكد لهم أن الخروج مضمون في اليوم الموالي بعد أن يكون البحر قد هدأ ، ليتقرر المبيت في ذلك المنزل المهجور و في جو قارس بدون أكل ولاشرب.

و يشير محمد في شهادته الصادمة التي يتناقلها أبناء المنطقة على نطاق واسع، أن أربعة أشخاص تراجعوا في آخر لحظة عن المغامرة ليظل عدد المرشحين للهجرة السرية 56 شخصاً.

الناجي من الكارثة يقول أن القائمون على العملية و يتكلمون الدارجة المغربية و ليس الأمازيغية حسب قوله، تركوهم بدون أكل أو شرب في منزل مهجور و منهار في ظروف وصفها باللاإنسانية و كانوا في كل مرة يطلبون منهم الصمت وعدم الحديث مع بعضهم البعض.

و يقول محمد أنه بعد مغرب يوم الثلاثاء طلب منهم الإستعداد لركوب البحر ، وتحركوا في صف لمدة قاربت 40 دقيقة نحو شاطئ “تيبودا” جماعة بني شيكر ، حيث كان ينتظرهم قارب “الفانتوم” الذي كان حسب شهادته مركونا هناك وتم ربطه بحبل الى صخرة مشهورة بالشاطئ.

و أوضح الشاب الناجي من المأساة والبالغ من العمر 21 عاماً، أن القائمين على تنظيم العملية كانوا يطلبون منهم الإسراع للوصول إلى الفانتوم كما أنهم مارسوا على المرشحين ما أسماها ضغوطا كبيرة.

محمد قال أن المرشحين الـ65 جميعهم ركبوا الفانتوم وتكدسوا داخله حتى أن التنفس أصبح صعبا بسبب أعداد المهاجرين و الضغط النفسي و الخوف الذي شعروا به.

وكشف محمد أنه مع انطلاق قارب الفانتوم وقع عطل تقني حيث أن حبلا التف بالمحركات ما أوقفها تماما عن العمل باستثناء محرك واحد ،وهو ما ادخل الشك في نفوس العديد من المرشحين الذين كان بعضهم يريد التراجع عن فكرة الهجرة.

إلا أن القائمين على عملية الهجرة، كانوا ينهرون الركاب و يطلبون منهم التزام الصمت، قبل أن يأمر أحدهم بانطلاق الرحلة بمحرك واحد و البحر في تلك اللحظة حسب شهادة محمد كان هادئاً تماما ولم يلحظ اي أمواج.

و ذكر الشاهد أنه مع انطلاقة الفانتوم كان عدد من الركاب يشعرون بتسرب الماء الى القارب، و رغم ذلك لم يتوقف المسؤولون عن القيادة، مشيرا الى ان مع الاقتراب اكثر فأكثر الى وسط البحر كانت الامواج تزداد علوا.

و أوضح محمد أنه بعد مرور قرابة 15 دقيقة فقط على الانطلاقة توقف الفانتوم تماما ، مضيفا أنه كان يسمع جملة واحدة وهي :”هاك سطل رمي الما” في إشارة لمحاولة إفراغ القارب المطاطي من الماء الذي تسرب إليه.

الناجي ذكر أن السائقين وبعدما عرفوا خطورة الأمر، قفزوا داخل المياه ، وبدأت المياه تغمر الفانتوم بكثرة و في تلك اللحظة كان الجميع يحاول النجاة بنفسه و ترديد الشهادة.

و أشار إلى أن القارب و بفعل تلاطم الأمواج انقلب رأساً على عقب ، فيما كان العديد من الضحايا يحاولون النجاة بأنفسهم، مضيفا أنه كان يسمع غرغرة العديد من الأشخاص بعدما شربوا كميات كبيرة من المياه.

و كشف أنه نجا بأعجوبة من الموت بعدما تمسك بقدم أحد الناجين الآخرين الذين تمسك بالفانتوم، لمدة قاربت ساعة قبل أن تحل بعين المكان السلطات المحلية “القوات المساعدة”.

و أشار إلى أنه تعرض على ثلاثة ناجين كانوا بالقرب منهم وينحدرون من مدن شفشاون و مراكش و الناظور.

محمد قال أنه بعد إخراجه إلى الشاطئ من قبل القوات المساعدة فقد الوعي تماما ليتم نقل جميع الناجين بعد ذلك عبر سيارات إسعاف الى مقر الدرك الملكي ببني شيكر وهناك قضوا ليلة كاملة في العراء بدون أكل ولا شرب.

و أضاف أنه تقرر بعد ذلك تقرر نقلهم في صباح اليوم الموالي الى مقر الفرقة الوطنية للدرك الملكي بالناظور وهناك لبثوا حتى عصر نفس اليوم ليتم بعد ذلك نقلهم الى وجدة لملئ المحاضر، قبل أن يتم إطلاق سراحهم في حدود الثانية ليلا من يوم الخميس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى