أحزاب وسياية

👁عين على الهامش..الحكومة المقبلة بين هيمنة المد “الليبرالي المتوحش”، وزحف تيار “الاسلام السياسي”.. !

الدكتور جمال التودي/التحدي الافريقي

كان السؤال الذي يؤرق مضجع الدولة العميقة، هو هاجس من سيخلف حكومة أخنوش في الانتخابات المقبلة! خصوصا وأنها أوشكت على استنفاذ رصيد شعبيتها، نتيجة القرارات المجحفة واللاشعبية، بسبب الزيادات المتتالية في أسعار المواد الأساسية، وارتفاع منسوب الفساد في دواليب القطاعات الحيوية، بالاضافة الى ارتفاع الفقر، واتساع نسبة البطالة لدى الشباب.. وغيرها من الموبقات التي جعلت المواطن يعيش ظروف قاسية، بفعل تطبيق السياسات الليبرالية التي تعتمدها هذه الحكومة، في غياب تام لأية حماية للقدرة الشرائية للمواطن، الذي ترك عرضة لجبروت الشناقة، والمستفيدين من تحرير صندوق المقاصة، الذي أدى الى ارتفاع الاسعار، وضرب القدرة الشرائية للأفراد، بسبب هيمنة المد الليبرالي الذي لا يرحم، جراء ايمانه بماديء الرأسمالية المقيتة، التي لا تعرف الرحمة ولا الشفقة في التعامل مع جيوب المواطنين الفقراء…

الأحزاب التي تعتمد التوجه السياسي الليبرالي، تراهن على التحرير الكلي للسوق، وتريد تحويل كل المعاملات والعلاقات الى سلعة تباع وتشترى، والتي سينتج عنها البقاء للأقوى، وبالضرورة سيتم القضاء على الطبقة المتوسطة التي تحافظ على التوازن داخل المجتمع المغربي، كما سيتم استعباد الفقراء..

وسيتم خوصصة كل القطاعات الاجتماعية الحيوية، وبيع كل ما تبقى من المرافق الاساسية من تعليم، وصحة، وخدمات، وغيرها من القطاعات التي كانت تقدم الحد الادنى من الخدمة للشرائح الاجتماعية المعدومة أصلا اقتصاديا، بسبب ضرب القدرة الشرائية…

بالفعل، كانت هناك ضبابية عند الدولة، في رؤية أفق المشهد السياسي، ابان بداية الولاية الحكومية الحالية، بحيث كان يطرح سؤال البديل الذي سيقود الحكومة المقبلة، بعد نفاذ رصيد هذه الحكومة التي قهرت المواطن بالزيادات الخانقة لجيبه، وظروف عيشه.. بحيث كانت تطرح عدة سيناريوهات، يمكن للدولة العميقة اللجوء اليها لايجاد البديل الحزبي، وسد الفراغ السياسي، بل هناك من ذهب الى أبعد حد في تصوره للبدائل السياسية، التي ستقود المرحلة القادمة، وذلك بمناقشة امكانية الزج باليسار الاشتراكي، وانصار “ططا نبيلة” في التدبير الحكومي المقبل، كما تم التلويح بمناقشة اقحام جماعة العدل والاحسان في التدبير الحكومي المرتقب، ومقايضة بعض مطالبها ببعض التنازلات التي من شأنها التقليص من بعض “اللاءات” التي كانت تقف حجرة عثرة أمام الرفض أو القبول بمشاركة أنصار المرحوم عبد السلام ياسين في جبة التدبير الحكومي…

غير أن كلا السيناريوهات اللتان كانت الدولة تضعهما لجس نبض الأطراف المعنية في الكواليس، تم رفضها علانية بدعوى غياب الظروف السياسية، وعدم نضج الشروط الموضوعية، التي تفرضها مصوغات المرحلة قصد مناقشة المشاركة من عدمها…

اذن، ما العمل ؟! الطبيعة لا تقبل الفراغ، والدولة العميقة، لا تريد المواجهة المباشرة مع الشعب، بحيث التوازن السياسي يفرض ايجاد من يخوض غمار الصراع الحزبي في معترك الحلبة السياسية، بل ان اقتضت الضرورة صناعة الخصم، كما حدث مع حركة لكل الديمقراطين، عندما نزل سي علي الهمة من برجه العاجي، وأسس حزب يخلق به التوازن السياسي، لولا ألطاف الله، وبركات 20 فبراير التي غيرت مجريات خطة الفاعل الرسمي، وقلبت اللعبة السياسية رأسا على عقب، فتمت هندسة الواقع السياسي بقطاع غيار احتياطي فرضته المرحلة، بجلباب الاسلام السياسي.. الذي خان العهد والجماهير، حينما قدم تنازلات لازال المواطن يؤدي فاتورتها الى حدود الساعة..!!

كما سبقت الاشارة، المعترك السياسي لا يقبل الفراغ، لا بد من اقحام لاعب حزبي ينشط البطولة السياسية، التي تلعب أصلا بدون جمهور، كون المشاركة السياسية لا تتجاوز 1 في المائة حسب الاحصائيات الرسمية.. لكن على ما يبذو، وجدت الدولة البديل الذي يمكنه القيام بهذا الدور…

نعم، نلاحظ في جنبات الملعب الفيسبوكي. وخرجات مكوكية لبعض اللاعبين القدمى، حيث هناك تسخينات للبعض منهم، رغما أنه سبق لهم اعتزال اللعب الرسمي، انه المخضرم بنكيران الذي يريد البعض تقديمه للمنافسة الافتراضية، ووضعه تحت مجهر التطبيع، اذ سيتم اقحامه من جديد، لتنشيط البطولة الحزبية، ومحاولة خلق التوازن المفقود، للحياة السياسية، رغم انتهاء صلاحيته، ورغم أن التماسيح والعفاريت رفضته، وهزمته بالضربة القاضية، لكن السيد يحاول العودة بنفس التكتيك ونفس خطة اللعب القديمة.. بدون تصور بديل، ولا برنامج او وعود تنسي المواطن المكلوم “عضته” التي تورمت..!!

بالفعل، تظهر ملامح عودة التيار الاسلام السياسي الى الساحة السياسة من جديد، ربما ادخال ورقة استغلال الدين في السياسة لا زالت صالحة، واقحام قضايا الأمة تعتبر عملة مربحة “لضغضة” عواطف الناخبين والمواطنين عامة…

لا، ثم ألف لا !! لايلذغ المرء من الحجر مرتين، أو أكثر، لكون التيار الرأسمالي المتوحش الذي يقوده حزب الحمامة، الذي رمي بالمواطن في في فم غول الليبرالية المقيتة، التي لا ترحم المواطن البسيط، بل تأتي على الاخضر واليابس من خلال الزج بقدرته الشرئية، وتفقيره.. كما أن تيار الاسلام السياسي، ورقة محروقة تم تجريبها في حكومات سابقة، وهي مسؤولة على ما ألت اليه الاوضاع الان..

التسخينات التي تبدو حاليا، غير بريئة، بل هي تندرج ضمن تكتيكات الدولة التي ترى بأن حزب “ا للامبة” وحزب “الباطرونا”، حزبين قد يملأ فراغ المرحلة القادمة، ويقود أحدهم حكومة المونديال.. المسألة اخطر، كلا الحزبين يقودان بدون برنامج ولا استقلالية في التصور، بل يكاد دورهم ينحسر في تنفيذ السياسات التفقيرية، واستكمال المخططات السابقة التي بدأها بنكران لتحرير باقي المواد الاساسية كما يؤكدها في خرجاته البهلوانية التي يفتخر بها، للاسف الشديد..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى