في خضم تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، رودولف سعادة، الرئيس المدير العام لمجموعة CMA CGM الفرنسية العملاقة المتخصصة في الشحن البحري ونقل الحاويات.
وتكتسي هذه الزيارة أهمية خاصة بالنظر إلى النفوذ الواسع الذي يتمتع به سعادة في مراكز القرار بفرنسا، لاسيما لعلاقته القوية بالرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك في وقت تتداول فيه وسائل إعلام فرنسية أنباءً عن احتمال تجميد أصول لمسؤولين جزائريين في فرنسا.
ووفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية الجزائرية، فقد جرى اللقاء بحضور مدير ديوان الرئاسة، بوعلام بوعلام، ووزير النقل، سعيد سعيود، دون الإفصاح عن فحوى المحادثات أو الملفات التي تم تناولها.
وتشير مصادر فرنسية إلى أن هذه الزيارة تندرج في إطار جهود المجموعة الفرنسية لتوسيع أنشطتها في الجزائر وتوقيع شراكات اقتصادية جديدة.
ويُذكر أن زيارة رودولف سعادة تأتي بعد تقارير إعلامية في ماي الماضي تحدثت عن إلغاء السلطات الفرنسية زيارة سابقة كان من المقرر أن يقوم بها إلى الجزائر، وذلك عقب أزمة دبلوماسية أعقبت توقيف موظف قنصلي جزائري بفرنسا، وما نجم عنها من توترات سياسية متبادلة.
وقد صرّح مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري حينها أن الإلغاء جاء ردًا على ما اعتبره “تصرفًا غير ودي” من الجانب الفرنسي، أدى أيضًا إلى إلغاء وفد اقتصادي جزائري زيارة مبرمجة إلى باريس.
ويُعرف رودولف سعادة، ذو الأصول اللبنانية، بعلاقاته المتينة في الأوساط السياسية والاقتصادية الفرنسية، إذ يترأس واحدة من أبرز الشركات التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الفرنسي على المستوى الدولي، كما أن مجموعته تمتلك حصصًا في كبريات المؤسسات الإعلامية الفرنسية، ما عزز مكانته كمقرب من الرئيس ماكرون الذي تربطه به لقاءات متكررة.
وأثارت زيارته الأخيرة إلى الجزائر عدة تأويلات، وسط حديث عن احتمال أن يكون مبعوثًا غير رسمي من الإليزيه في محاولة لاحتواء الأزمة المتصاعدة، خصوصًا بعد تقارير صحفية فرنسية تحدثت عن إجراءات عقابية مرتقبة ضد مسؤولين جزائريين تشمل تجميد ممتلكاتهم العقارية في فرنسا، وهو ما تقوم بدراسته وزارتا الداخلية والاقتصاد الفرنسيتان.
وتزامنت هذه الزيارة مع تراجع ملحوظ في حجم المبادلات التجارية بين البلدين، حيث أظهرت بيانات الجمارك الفرنسية انخفاضًا بنسبة 20 بالمئة في الصادرات الفرنسية نحو الجزائر خلال الربع الأول من عام 2025.
وتُعد مجموعة CMA CGM التي يرأسها سعادة من بين أكبر الفاعلين في مجال الشحن البحري عالميًا، حيث تحتل المركز الثالث في نقل الحاويات، وتنشط أيضًا في قطاعات المناولة المينائية والخدمات اللوجستية، ولها حضور ملحوظ في عدد من الموانئ الجزائرية.