اقتصادالاقتصاد والمالية

منتدى إفريقيا لوجستيك بالداخلة: دعوات لإعادة هندسة الترابط القاري وبناء منظومة لوجستية تقود السيادة الاقتصادية

قال مشاركون في منتدى إفريقيا لوجستيك الذي تستمر أشغاله اليوم الجمعة، إن تنمية إفريقيا لن تتحقق إلا بإتقان تدفقاتها، وسيولة تبادلاتها، وتعزيز قدراتها اللوجستية، مشددين أن اللوجستيك لم تعد وظيفة ثانوية،  بل أصبحت القلب النابض للتنافسية، والشرط الأساسي للسيادة الاقتصادية والتماسك الترابي.

وحذر المشاركون في منتدى الداخلة المنظم على مدى يومين، من كون القارة الافريقية باتت تمتلك إمكانيات هائلة، من سكان شباب وموارد طبيعية وفيرة، وسوق داخلية تضم أكثر من 1.4 مليار مستهلك، ومع ذلك، لا تتجاوز التبادلات بين الدول الإفريقية 15% من إجمالي التجارة القارية، مقابل 60% في أوروبا و50% في آسيا. وهو واقع بات يعكس حقيقة مقلقة، لأن إفريقيا تتبادل القليل مع نفسها.

وفي هذا الصدد، أكد الخطاط ينجا، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، أن العوائق اللوجستية، من غياب الربط بين الشبكات، وبطء الإجراءات، ونقص البنيات التحتية الإقليمية، كلها عوامل تحد من تدفق السلع والأفكار والفرص في القارة السمراء. كاشفا أن متوسط التكلفة اللوجستية يصل أحيانًا إلى 40% من قيمة المنتجات المتداولة، مقابل أقل من 10% في الاقتصادات المتقدمة.

وقال الخطاط « إذا أردنا بناء إفريقيا قوية ومتضامنة، علينا بناء منظومة لوجستية قارية تتناسب مع طموحاتنا. هذا هو جوهر منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ».

وشدد رئيس جهة الداخلة على ان الاتفاقية ليست مجرد معاهدة تجارية، بل مشروع تاريخي لتحرير الإمكانيات الإفريقية، في مقدمتها تعزيز الإنتاج المحلي، إنشاء سلاسل قيمة إقليمية، وإعطاء معنى لوحدة القارة الاقتصادية.

وحذر الخطاط من كون سوقًا بدون طرق، وموانئ فعالة، لاتتوفر على قابلية تشغيل رقمية، ومسارات تبادل، « يبقى وعدًا غير مكتمل، فالبنسة إليه اللوجستيك هي المفتاح: هي التي تربط أراضينا، مقاولاتنا، وأسواقنا، هي التي ستجعل من الاتفاقية حقيقة ملموسة للشعوب الإفريقية » يضيف رئيس الجهة.

وقال الخطاط ينجا، إن وراء البنية التحتية التي باتت تتوفر عليها الجهة، تحمل الداخلة طموحًا إنسانيًا وشاملًا، لتكون نموذجًا للتنمية المتوازنة حيث تخدم البنيات التحتية الكبرى السكان أولاً: فهي تخلق فرص العمل، وتدعم الشباب المقاولين، وتشجع التكوين، وتدفع بمشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية.

وأوضح رئيس الجهة، أن اللوجستيك، في هذا السياق، ليست مجرد ناقل للبضائع، إنها أداة لتحقيق العدالة الترابية والاندماج الاجتماعي.

بالنسبة للمتحدث، يعقد هذا المنتدى في لحظة محورية من تاريخ القارة. العالم بأسره يتحول نحو التحول الطاقي، وإفريقيا تملك أكثر من 40% من الإمكانيات العالمية في مجال الطاقة المتجددة.

وفي هذا السياق، قال الخطاط، إن جهة الداخلة-وادي الذهب تعتزم القيام بدور رائد في هذا العصر الجديد. بفضل مواردها الطبيعية الاستثنائية ومشاريعها في الطاقة الريحية والشمسية، فهي تبرز كمركز مستقبلي لإنتاج الكهرباء الخضراء والهيدروجين الأخضر، قادر على تزويد مناطقها الصناعية وتصدير طاقة نظيفة إلى بقية القارة. اللوجستيك الأخضر والطاقة المستدامة سيصبحان وجهين لمشروع واحد: التنمية الإفريقية المستدامة والمراعية للبيئة.

وفي الوقت نفسه، يؤكد رئيس الجهة، أن التحول الرقمي الذي يفرض نفسه، بات يستدعي رقمنة سلاسل اللوجستيك، والعمل على تتبع التدفقات، ونزع الطابع المادي للإجراءات الجمركية، وشفافية التبادلات، فهي كلها أدوات لا غنى عنها لتعزيز القدرة التنافسية الإفريقية.

داعيا الخطاط إلى الاستثمار في نظم المعلومات المشتركة بين دول افريقيا، والتوافق بين الموانئ، والتكوين في مجال اللوجستيك الحديثة. والداخلة، من خلال مناطقها اللوجستية المتكاملة وقطبها التكويني المستقبلي.

وقال الخطاط في ختام كلمته في المنتدى » يجب على إفريقيا أن تصبح محرك مصيرها. عليها أن تتحكم في طرقها، موانئها، طاقتها، وبياناتها. عليها أن تتحدث لغة القرن الحادي والعشرين: لغة الحراك، الاستدامة، والتعاون. والداخلة، بفضل موقعها، رؤيتها، وإنجازاتها، ستواصل تحمل دورها في هذه المغامرة الجماعية: أن تربط إفريقيا، بوابة أطلسية، وأرض التقاء.

وتتواصل اليوم الجمعة أشغال منتدى  اللوجسيتك افريقيا، الذي تنظمه غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الداخلة-وادي الذهب بتنسيق مع مجلس جهة، عبر مجموعة من الندوات حول « الابتكار والرقمنة في قطاع اللوجستيك الافريقي »، و »التعاون الاقليمي والتكامل اللوجيستي، ماهي الأولويات »، إضافة إلى الحديث عن « التنمية المستدامة واللوجستيك الاخضر في افريقيا ».

ويهدف هذا اللقاء إلى جعل الداخلة محوراً أطلسياً إفريقياً رئيسياً يربط بين الفضاءات الاقتصادية الكبرى في القارة التي تتمثل في الأطلسي، الساحل والمتوسط، وليكون رافعة أساسية لتعزيز الترابط اللوجيستي الإفريقي.

يشار إلى أنه على هامش المنتدى سينظم اليوم الجمعة، زيارة ميدانية للمشاريع الكبرى، في مقدمتها زيارة البنى التحتية اللوجستية والمشاريع المهيكلة بالداخلة وفي مقدمتها زيارة ميناء الداخلة الاطلسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى