في خطوة وُصفت بـ”النكسة الحقوقية” و”الانقلاب التشريعي”، صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، مساء أمس الاربعاء 14 ماي الجاري، بالأغلبية، على تعديل مثير للجدل ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية، يمنع الجمعيات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني من تقديم تبليغات أو شكايات تتعلق بقضايا الفساد الإداري والمالي أمام القضاء.
هذا التعديل، الذي أثار موجة غضب عارمة في أوساط الحقوقيين والفاعلين المدنيين، اعتبره المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام “مسًّا خطيرًا بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”، و”خرقًا سافرًا للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
– ضرب لمبدأ الشفافية ومحاولة لتكميم المجتمع المدني
وفي بلاغ شديد اللهجة، تتوفر ” هبة بريس ” على نسخة منه ، أدان المرصد ما اعتبره “تراجعًا تشريعيًا خطيرًا”، متهما الحكومة بمحاولة تصفية الحسابات مع المجتمع المدني، بدل الانخراط في تكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والحكامة الجيدة. واعتبر أن هذا الإجراء يهدف إلى إسكات الأصوات التي كشفت ملفات فساد كبرى، وجعلت من مكافحة الفساد أولوية في صلب النقاش العمومي.
– تكبيل الجمعيات… واتهامات لوزير العدل
متابعون رأوا في التعديل انتقامًا سياسيا من جمعيات فضحت خروقات تورطت فيها شخصيات نافذة. ووجّهت أصابع الاتهام إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، متهمين إياه بالسعي إلى ضرب استقلالية القضاء، وتقويض مبدأ فصل السلط، عبر تقييد أدوار الجمعيات الحقوقية، في تراجع مقلق عن مكتسبات دستور 2011.
– موجة تنديد وقلق دولي
وتتالت ردود الأفعال من منظمات وهيئات وطنية ودولية، عبّرت عن قلقها العميق من هذا التراجع الحقوقي، مطالبة البرلمان بعدم تمرير هذه التعديلات، والاحتكام إلى منطق الحكمة والمسؤولية الدستورية، حفاظًا على صورة المغرب كدولة منخرطة في الجهود الأممية لمكافحة الفساد، وحريصة على الالتزام بتعهداتها الدولية ودستورها الوطني.
– دعوة للتعبئة والتصدي
وختم المرصد بيانه بدعوة كافة الفاعلين المدنيين والحقوقيين إلى التجند لمواجهة هذه “الردة الحقوقية”، وفضح محاولات استخدام الأدوات التشريعية لتكميم العمل الجمعوي الجاد، والانخراط في معركة الدفاع عن الشفافية والعدالة، ضد منطق التحكم والتضييق.