محاكم وقضاء

مراكش.. فيديو ” المحام” يثير جدلا واسعا قانونيا وحقوقيا

أثار تداول مقطع فيديو يظهر محامياً في وضع غير طبيعي أثناء توقيفه من طرف دورية أمنية بمراكش جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والاجتماعية، الفيديو الذي تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي أثار استنكار وغضب العديد من المحامين الذين اعتبروا أن تصوير الحادثة ونشرها يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان وتشهيراً غير مبرر.

في التفاصيل، كانت الدورية الأمنية قد أوقفت المحامي في حالة سكر طافح، إلا أن ما أثار حفيظة الكثيرين هو تسريب الفيديو الذي يظهر المحامي وهو مكبل اليدين في المقعد الخلفي لسيارة الأمن، في وضعية تعكس عدم قدرته على الحركة، ورغم أن الواقعة قد تكون مشروعة من الناحية القانونية بالنظر إلى حالة السكر التي كان عليها المحامي، إلا أن نشر الفيديو وتداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حمل بعداً آخر يتجاوز مجرد توثيق الحادث.

– التحقيق في الانتهاكات…ضرورة للتدخل الفوري

من منظور قانوني، يشير المحامون إلى أن تصرفات رجال الأمن في هذه الواقعة تتجاوز مجرد تطبيق القانون إلى التعدي على حقوق المحامي الشخصية.

وفي هذا الصدد، أشار العديد من الحقوقيين إلى أن هذه الممارسات تتناقض مع المبادئ التوجيهية التي تم تبنيها في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، الذي عقد في هافانا عام 1990، وتوضح الوثيقة الأممية ضرورة احترام حقوق الإنسان في جميع مراحل التحقيق، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الأشخاص في حالة الاعتقال أو التوقيف.

في هذه الحالة، يُعتبر نشر الفيديو بمثابة انتهاك لخصوصية المحامي وتشهير به في مخالفة لقرينة البراءة التي هي حق أساسي لكل فرد، كما أن هذه التصرفات تعدّ من قبيل “التعذيب أو سوء المعاملة”، وهي ما تعتبره الحركات الحقوقية المغربية من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي كافحت من أجل الحد منها لسنوات طويلة.

– دور النيابة العامة والهيئات المعنية

وفقاً للمبادئ المعتمدة من طرف مؤتمر هافانا، يُنتظر من النيابة العامة بمراكش التدخل بشكل فوري لضمان تقديم المسؤولين عن هذا الفعل إلى العدالة، ويدعو العديد من المحامين إلى ضرورة فتح تحقيق شامل للكشف عن الجهة التي سربت الفيديو، وكذلك محاسبة كل من ساهم في هذا التجاوز الأمني.

وفي هذا السياق، اعتبر زملاء المحامي “المشهر به “أحد الضحايا في قضية تعتبر من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي ينبغي على النيابة العامة التحرك بشكل عاجل لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، كما يجب على الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بمراكش اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة ضد ضباط الشرطة القضائية الذين ارتكبوا هذه التجاوزات.

– تدخلات أمنية تحتاج إلى مراقبة صارمة

بالنظر إلى التزايد المستمر في عدد حالات التدخلات الأمنية المشوبة بالتعسف والشطط في استخدام السلطة، يجب أن تتسم هذه التدخلات بالمزيد من الضوابط والمراقبة، حيت إن تمادي بعض أفراد الأجهزة الأمنية في تجاوز صلاحياتهم يهدد مسار حماية حقوق الإنسان في المغرب، مما يتطلب تدخلًا سريعًا من كافة الجهات المعنية، بدءًا من النيابة العامة وصولاً إلى الهيئات الحقوقية المعنية.

– العدالة وحماية الحقوق

الواقعة التي شهدتها مراكش تبرز بوضوح ضرورة إعادة النظر في ممارسات بعض الأجهزة الأمنية التي قد تشكل تهديدًا لحقوق المواطنين، كما إن معالجة هذه الانتهاكات لا تقتصر على تقديم المسؤولين عن الحادث إلى العدالة، بل تشمل أيضًا ضمان احترام حقوق الإنسان وتطبيق القانون بشكل متوازن وشفاف، كما يجب أن تظل كرامة المواطن مصونة في كافة الحالات، خاصة في مواجهة أجهزة الدولة المكلفة بحمايته.

إلى حين اتخاذ التدابير القانونية المناسبة، تظل قضية محام مراكش مثالاً حيًا على الحاجة الملحة للمزيد من الحوكمة والرصد لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات الأمنية.

وقالت مصادر عليمة ل ” هبة بريس” ان الواقعة وانتشارها للعلن، شكلت إحراجا لرجال القانون، مهما وجود تدخلات من كل الأطراف لاحتواء الوضع، غير ان مطالب لمحاسبة مرتكبي الفعل تبقى قائمة لعدم تكراره، خصوصا ان المدينة الحمراء كانت قد شهدت في السنوات الأخيرة توقيف احد المخالفين لقانون السير، لكن بعد توقيفه تم التشهير به علنا وامام الناس بالشارع العام وهو بلباس ” نسائي” مما شكل صدمة حقوقية انذاك، تدخلت على اثرها النيابة العامة ومعها مديرية الامن لمعاقبة المخالفين، لكن تكرار هذه الأحداث بات يستوجب على الجهات المختصة اعادة تكوين رجال الامن في مجال حقوق الانسان، خصوصا اننا مقبلين على تظاهرات عالمية تستدعي الانتباه والحزم للقطع مع هذه الممارسات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى