أثار قرار الحزب الشعبي الإسباني (PP) دعوة ممثل عن جبهة البوليساريو إلى مؤتمره الوطني الـ21 موجة من الغضب والاستياء في الأوساط السياسية والإعلامية المغربية.
ففي الوقت الذي تسعى فيه مدريد إلى الحفاظ على علاقاتها المتوازنة مع الرباط، أقدم الحزب اليميني على خطوة تُعتبر استفزازًا مباشرًا لموقف المغرب من قضية الصحراء المغربية، وهو ما قد يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الحزب والمملكة المغربية التي تُعد شريكًا استراتيجيًا لإسبانيا في ملفات حساسة، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة والتبادل التجاري.
ورغم عدم صدور رد رسمي من الحكومة المغربية حتى الآن، إلا أن الصحافة المغربية لم تتأخر في التعبير عن استيائها، معتبرة أن حضور عبد الله العربي، ممثل ما يسمى بجبهة البوليساريو في إسبانيا، يمثل طعنة في الظهر من حزب يُفترض أنه يسعى لحكم البلاد، وهو ما يضع مصداقية الحزب الشعبي في موضع تساؤل أمام الرأي العام الإسباني
و لا يُخفي مراقبون أن الحزب الشعبي، بقيادة ألبرتو نونيث فيخو، يعيش مرحلة من الارتباك السياسي والتكتيكي، إذ تتزايد المؤشرات على أنه بدأ يضرب في كل الاتجاهات، بحثًا عن كسب النقاط ضد خصومه في الداخل، وتحديدًا ضد الحزب الاشتراكي العمالي وزعيمه بيدرو سانشيز.
وفي هذا السياق، فإن استدعاء ممثل عن البوليساريو يُقرأ على أنه محاولة لتذكير الرأي العام الإسباني بما يعتبره “تنازلات” سانشيز للمغرب، بعد تأييد هذا الأخير لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية كحل واقعي للنزاع في الصحراء.
غير أن هذا النهج ينطوي على مخاطرة استراتيجية كبرى، إذ أن المملكة المغربية لم تعد تتساهل مع مثل هذه الرسائل السياسية المزدوجة، وقد تُقرر تقليص التعاون مع الحزب الشعبي، خصوصًا إذا ما فاز في أي انتخابات مستقبلية وأصبح مطالبًا بتشكيل حكومة.
ووفقًا لمحللين إسبان، فإن الحزب الشعبي أصبح في الآونة الأخيرة أكثر عدوانية وأقل واقعية في مواقفه السياسية الخارجية، وهو ما انعكس في موقفه من قضية الصحراء المغربية، حيث يصر على الوقوف ضد الموقف الرسمي للحكومة الإسبانية، رغم أن خطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية تحظى بدعم عدد متزايد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا و المملكة المتحدة .
والأخطر من ذلك، أن هذا التصعيد مع المغرب قد يُفقد الحزب الشعبي واحدًا من شركائه الدوليين غير الرسميين في ملفات مثل الأمن والطاقة والهجرة.
فعلاقات إسبانيا مع المغرب لا تمر فقط عبر الحكومة المركزية في مدريد، بل تمتد لتشمل علاقات موازية بين الأحزاب السياسية الكبرى في كلا البلدين، وهي القنوات التي يمكن أن تُغلق الآن في وجه الحزب الشعبي نتيجة هذا التصعيد.
إضافة إلى الأزمات الخارجية، يعيش الحزب الشعبي حالة من الاحتقان الداخلي، حيث تتصاعد الانتقادات الموجهة إلى قيادة فيخو بسبب قراراته المتخبطة وتراجع شعبيته في استطلاعات الرأي. ويُنظر إلى هذه الخطوة المتعلقة بالبوليساريو على أنها محاولة يائسة لتسجيل نقاط على حساب الحزب الاشتراكي، لكنها قد تنقلب عليه داخليًا وخارجيًا.