جمال التودي/التحدي الافريقي
لجأت الدولة المغربية الى عدة آليات تنظيمية، و تدابير قانونية من اجل عقلنة تسيير مرافق الدولة، سواء المؤسسات المركزية او تلك، التي تدبر في اطار اللاتمركز الاداري..
و تندرج الجماعات الترابية في مجال استكمال مخطط الحكامة الترابية، التي ارست الدولة دعائمها بعد دستور 2011, و ذلك للقطع مع “الارتجالية” و “العشوائية” في تدبير المرافق الحيوية للدولة، من خلال سلوك مساطر و اجراءات تساهم في دمقرطة عمل المجالس المنتخبة، و خضوع لجانها الى ضوابط قانونية كما اقرها القانون التنظيمي رقم 113/14…
غير ان بعض الجماعات تعيش خارج السياق التنظيمي الذي دشنته الدولة، و تم تكريس بعض الممارسات التي تحن الى عهد البصري، كما هو الشأن “لجماعة ارغيوة” التي خالفت كل الأعراف و القوانين التنظيمية المنظمة لعمل الجماعات الترابية..
و للوقوف على تلك التجاوزات سنحاول رصد أهم تجليات تلك الارتجالية و العشوائية في التسيير و التدبير، من خلال تسليط الضوء على خمسة نقط جوهرية تلخص الوضع المقلق الذي وصلت اليه جماعة ارغيوة:
1- اشتغال الجماعة خارج الشرعية:
يكمن عمل المجلس الجماعي في التشكيل الصحيح للجان المكونة له، بحيث لا يمكن اشتغال اي لجنة لا تتوفر على النصاب القانوني او ناقصة من حيث عدد اعضائها..
غير أن لجنة الخدمات و المرافق العمومية بقيت مجمدة بعد اقالة نائبة رئيسها..
لتبقى هيكلة المجلس تدبر خارج الشرعية التنظيمية، رغم ترشح أحد اعضاء المعارضة بمفرده لهذا المنصب الشاغر، إلا ان أعضاء المجلس الموقر استعملوا أغلبيتهم العددية بشكل تعسفي لإسقاطه و ترك المنصب شاغرا، تغليبا للصراع السياسي الضيق، و تنضاف هذه الممارسات لتلك المهازل التي عودنا عليها المجلس الموقر..
2- انتهاك حقوق المعارضة في رئاسة احدى اللجان:
نظم المشرع المغربي عمل لجان المجالس الجماعية، و حدد لها صلاحيات و مهام عديدة، كما حاول خلق نوع من التوازن بين تلك المجالس المسيرة و المعارضة، و ذلك باعطاء احقية رئاسة احدى اللجان لعضو من اعضاء المعارضة، طبقا للمادة 27 من القانون التنظيمي المشار اليه..
و لكن السيد رئيس مجلس الجماعة، خرق هذا المقتضى القانوني لحاجة في نفسه..!! في انتهاك صارخ لحقوق المعارضة التي منحها الدستور مكانة اعتبارية كقوة اقتراحية في ايجاد الحلول..
3- هدر الزمر التدبيري للجماعة:
يحق للسيد الرئيس تفعيل المادة 67 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية في أصل ضبط حضور اعضاء مجلس الجماعة، و تفعيل مسطرة إقالة المخالفين لهذه المادة..
غير ان الشيء الغير المفهوم هو شغور منصب نائبة رئيس لجنة الخدمات و المرافق العمومية لأكثر من سنة، و كأن السيد الرئيس المبجل لا يعير اي اهتمام للزمن التدبيري الذي له كلفة تنموية مهمة، حيث عمل على هدر وقت التنمية من عمر الجماعة..
4- ضياع مصالح المواطنين:
تعتبر لجنة الخدمات من أهم اللجان التي تضطلع بمهام الجماعة التي لها علاقة مباشرة بمصالح الساكنة، من قبيل تدبير المرافق العمومية و التجهيزات الجماعية، و المساهمة في الأنظمة الخاصة بتدبير المرافق العمومية، بالإضافة الى دراسة شركات التنمية المحلية و المساهمة في رأسمالها..
بحيث يؤدي توقف عمل لجنة الخدمات الى تعطيل مصالح المواطنين نتيجة سوء تدبير سعادة الرئيس و أعضاء مكتبه المسير لدواليبها.
5-ضرب مقاربة النوع الاجتماعي في الصميم:
أهم مستجد كرسه دستور المملكة لسنة 2011، هو دسترة الخيار الديمقراطي كاحدى ثوابت الامة، على اعتبار ذلك يندرج ضمن المقتضيات المؤطرة لمشاركة المرأة في تدبير الشأن المحلي،بحيث يتم الاخذ بعين الاعتبار التمثيلية النسائية في تشكيلة المجالس و اللجان المنتخبة، بحكم ان المادة 19 من الدستور نصت على احداث هيئة المناصفة، كما كرست ديباجة الدستور مبدأي الإنصاف و المساواة بين الرجل و المرأة..
غير ان سعادة رئيس المجلس كان له رأي آخر حينما أقال نائبة رئيس لجنة الخدمات..
و الأنكى من ذلك، لجأ الى اعفاء عضوتين من المعارضة و كأن مقاربة النوع الاجتماعي ترف تنظيمي، في احتقار تام للمرأة المغربية و تمثيليتها بالمجالس المنتخبة..
فصل أخر من فصول العبث و الارتجالية تعيشه جماعة ارغيوة، فمنذ اكثر من سنة و هي تشتغل بدون نائبة لجنة الخدمات و المرافق العمومية، و ترك هذا المنصب شاغرا بدون مبرر منطقي..
على اعتبار تعطيل اهم لجنة في هيكلة الجماعة، يفسر بعرقلة مصالح المواطنين و الخدمات المقدمة لساكنة ارغيوة.. بحيث لم يقم السيد الرئيس المبجل بادراج هذه النقطة في الدورات الموالية التي تنص عليها نفس المادة كشرط استكمال النصاب..
و بناء على ما سبق ذكره، نلتمس من السيد عامل اقليم تاونات المحترم التدخل بصفته ممثل سلطة الوصاية المباشرة على عمل الجماعات المحلية، من اجل تفعيل البند الخاص بمراقبة اشغال و سير جماعة ارغيوة ، حتى يوضع حدا لهذا العبث التدبيري من اجل اعادة الامور الى نصابها، و إعمال للقانون التنظيمي 113/14..