جهات وعمالات

فسحة رمضان.. سيطرة “لوبيات”الريع على مفاصيل مقدرات القطاع الخاص باقليم تاونات..


جمال التودي/ التحدي الإفريقي

 

في ظل النقاش الدائر حول اسباب تعثر التنمية بالاقليم، حاولنا تشخيص اهم الاعطاب التي تعرقل مسار التطور الطبيعي لهذه المدينة الجميلة التي حباها الله بأناس طيبين و موقع جغرافي استراتيجي.. لكن شاءت الاقدار ان يتوارثها شردمة من مصاصي الدماء الذين يأتون على الاخضر و اليابس في استغلال و اقتسام خيرات الاقليم…

 

⬅️يتعلق الامر بلوبي متحكم في مفاصيل مقدرات المدينة، بحيث توارث مدخراتها و امسك بمفاتيح اللعبة السياسية .. وذلك بخلق تكتلات تجمعها مصالح يتداخل فيها “العرقي”بالقبلي، بحيث بلوروا خطة محكمة من خلال السيطرة على مراكز القرار بالمدينة و توزيع الادوار بينهم و اغلاق الباب على كل المبادرات الاستثمارية التي يمكن ان تخترق مجالهم الحيوي، او كل المحاولات من طرف الشباب او الخارجين عن اللعبة المرسومة سلفا..

 

⬅️لتوضيح ذلك، سنحاول تسليط الضوء على بعض النماذج الحية التي تبين مدى سيطرة لوبيات الريع على جل المشاريع باقليم تاونات.. منذ عقد من الزمن إلى حدود الساعة، حاول مجموعة من الشباب و الكفاءات اقتحام مجال الاستثمار بهذه المدينة عبر عرض مشاريعهم التي يمكن ان تخلق الثروة و تشغل اليد العاملة.. لكن للأسف الشديد، اصطدمت تلك المبادرات بمقاومة شرسة من لوبيات منظمة افشلتها.. على سبيل المثال لا الحصر نستشهد ببعض النماذج من المبادرات الخاصة لشباب الاقليم..

 

⬅️نذكر مشروع اسثماري على شكل مركب سياحي يشمل سلسلة مطاعم و مسبح و منتجع ترفيهي لساكنة و فندق الذي تقدم به احد الكفاءات المدينة من خلال تقديم دراسة لهذا المشروع مرفوقة بالمزايا التي ستحققها المدينة منه.. فكانت النتيجة افشاله بمبررات واهية ولم يحصل على ترخيص.. فتم اقباره في المهد..و ضاعت على المدينة مشاريع استثمارية كانت ستفك العزلة على ساكنتها..

 

كما ان هناك امثلة كثيرة لمشاريع استثمارية تم اجهاضها من طرف هذا اللوبي المستفيذ من تخلف المدينة لكي يحتكر خيراتها لصالحه.. نفس الفكرة و نفس المشروع الذي قوبل بالمقاومة و الرفض من طرف تلك اللوبيات المحسوبة على رؤوس الأصابع، لولا لطف الله و فطنة المستثمر و السياسي الجريئ (نورالدين اقشيبل) الغيور على مدينته، الذي قاوم كل “مسامير المايدة” لكان مشروعه السياحي بقرية با محمد في خبر كان، و لكن شاءت الاقدار ان يرى النور بعد ان تعرض لعراقيل اكثر من سنة، ليتم تنزيله الى ارض الواقع..

⬅️حبذا لو كانت هذه الشرذمة المسيطرة ان تقتفي طريق البرلماني اقشيبل و القلة القليلة التي تخدم مدينتها عبر استثمار مدخراتها في مشاريع مدرة للدخل، او على الاقل استثمرها في قطاعات تخلق الثروة و تحقق العمالة الكاملة plien emploi..

 

للأسف الشديد،ضاعت المشاريع الاستثمارية و ضاع معها حلم شباب الاقليم في المساهمة من اجل تنمية مدينتهم، و بالتالي لم يجدو امامهم سوى الهجرة الى مدن اخرى بسبب هيمنة “لوبي” تقليدي يراكم الثروة عبر غلق منافذ المبادارات الفردية و سيطرة مجموعة معروفة توارثت مفاتيح الريع..مما أدى الى ارتماء خيرت شباب الاقليم في احضان الجريمة و ابتلاء المخدرات..

 

⬅️للخروخ من هذا المأزق التنموي، يستوجب تفكيك هذا الثالوث اللعين المتحكم في دواليب الاقتصاد المحلي والذي نسج ترابطات انتخابية جعلته يهيمن على مقاليد اللعبة السياسية بالاقليم عبر مباركة جهات معلومة تستفيذ من الوضع القائم ..لذلك يعمل هذا “اللوبي” على افشال كل المشاريع الكبرى التي تطلقها الدولة في اطار تنمية الاقاليم الشمالية و محاولة الابقاء على سياسة الامر الواقع التي تجعلهم يتقاسمون مقدرات المدينة بعيدا عن المحاسبة او محاولة خلق الثروة لتستفيد الساكنة منها..

 

⬅️غريبة هي الامور بمدينة تاونات التي تحولت الى مزرعة يتقاسمها ثلة من الاقطاعيين الذين لا يتحلون بروح القيم المشتركة، و يفتقدون الى ابسط الضوابط المؤطرة للعدالة الاجتماعية، التي تقتضي خلق الثروة عن طريق الاستثمار المنتج و اعادة توزيع الخيرات الاقتصادية من خلال التصرف، في تلك المقدرات وفق قواعد المنافسة الشريفة التي تحكمها آليات الشفافية و النزاهة..

 

تتوضح هذه الصورة القاتمة لهذا اللوبي المسيطر بشكل ملموس في تاونات المركز الذي هيمن على مبادرات القطاع الخاص و حول هذه المدينة إلى “زريبة” حسب قول احد السياسية المستفدين من الريع ( مدينة تاونات كالزريبة لداخل كيكل و لخارج كيتفرخ)..!!

الدكتور جمال التودي باحث في التنمية المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى