️
جمال التودي/التحدي الافريقي
على مستوى جهة فاس-مكناس، نلمس غياب العدالة المجالية فيما يتعلق بالاستفادة من الخدمات الصحية، فجل المرافق الصحية متمركزة في محوري الحواضر الكبرى بين العاصمة العلمية و العاصمة الاسماعيلية..
أما بولمان، و صفرو، و تازة، و تاونات، فيكفيهم شرف الانتماء، و تسويق اسمائهم في قنوات الاخبار، لجرد عدد الضحايا و الموتى نتيجة سوء الخدمات الطبية، و عدم استفادة تلك المدن، خاصة تاونات من بعض التخصصات الطبية، بل تفتقد حتى من بعض المرافق و البنيات الصحية من مستشفيات و مراكز صحية مهترئة، و لا تتوفر على ادنى شروط الاستشفاء و غير مجهزة..
و الاخطر من ذلك، فلا تتوفر على اطقم طبية و غيرهم من الموارد البشرية الاخرى من ممرضين، و تقنيبن و اداريين..
👈*تاونات و الانتماء الى جهة فاس مكناس.. نعمة ام نقمة!؟
مقارنة بالتقسيم الجهوي السابق الذي كانت تاونات تنتمي اليه، كان لها حظوظ وافرة من الاستفادة من الخدمات المرفقية الصحية، بحكم تقارب مستوى المدن المنتمية الى جهة تازة-الحسيمة، عكس التقسيم الجهوي الحالي الذي اقحم اقليم تاونات ظلما مع محوري فاس-مكناس.
هذه المدن الكبرى تلتهم كل الاستثمارات المتعلقة بالنبيات التحتية و التجهيزات الاساسية، خاصة و ان فاس من المدن المبرمجة لإحتضان بعض مباريات كأس العالم 2030، الشيء الذي سيجعل جل الاوراش الاستثمارية ستتركز بالمدينة العلمية، أما باقي المدن الاخرى المنتمية للجهة، ستبقى مجرد تابعة تؤثث احصائيات الجهة على مستوى ارتفاع نسب الأموات و ضحايا البطالة و الفقر، و الهشاشة، و مظاهر التخلف..
نعم، يعتبر ادراج تاونات بجهة فاس-مكناس ظلم لهذه المدينة، حيث لم تستفيذ من المشاريع التي برمجت بهذه الجهة، على اعتبار ان المسؤولين يركزون توطين جل المشاريع بفاس و لم يترك اي حظوظ لهذه المدينة المهمشة، خاصة المرافق الصحية على قلتها، و الغريب في الامر حتى المستشفيات التي تفتقر لأدنى التجهيزات يهجرها الاطباء..
ترى ما هي الاسباب التي تجعل تاونات بدون خدمات صحية؟
👈*- الأسباب الذاتية الموضوعية في تدني القطاع الصحي بتاونات.
🔴1-غياب المرافق الصحية الضرورية.
كما سبق الذكر، فجل المستشفيات و المصحات و المراكز الصحية تم توطينها بمدينة فاس و تم تزويدها بكل الاطقم الصحية من اطباء و ممرضين، عكس اقليم تاونات الذي يعاني في صمت، فحتى النخب التي تمثل اقليم تاونات بمجلس الجهة، يغطون في سبات عميق، و لا يكلفون نفسهم القيام بدورهم من خلال الترافع و الدفاع عن اقليمهم…
🔴2-خوصصة قطاع الصحة أدى الى تهميش المستشفى العمومي.
يظهر ان السياسة الاستراتيجية للدولة في مجال الصحة، تتوجه نحو خوصصة القطاع، و العناية بالمستشفيات الخصوصية بدل المستوصفات العمومية التي تركت بدون تجهيزات و لا تزويد بالوسائل الضرورية للإستشفاء…
لعل توطين الاستثمارات الكبرى بفاس، و زحف المشاريع الصحية الكبرى من قبيل “أكديطال” جعل كل الاطباء يبحثون عن الهجرة حيث فرص الساعات الاضافية..
🔴3- آثار تركيز المرافق الطبية بفاس و مكناس على ساكنة تاونات.
من اهم تجليات تركيز المرافق الطبية بفاس و مكناس هو جعل تاونات كمقبرة للأموات، او مركز تسجيل نقل الضحايا الى المركز الاستسفائي الجامعي بفاس، فأغلب المرضى يودعون الحياة في الطريق الوطنية رقم 8 قبل الوصول الى المستسفى الجامعي بفاس، خاصة النساء الحوامل، اللواتي تلدن غالبا في الطريق او على باب المستسفى الجامعي بفاس..
هذا اذا بقين على قيد الحياة طبعا..
فعلى سبيل الذكر لا الحصر نجد جل التخصصات الطبية تتركز في مستشفيات فاس، فمثلا مستشفى ابن الخطيب (الكوكار) يضم على مستوى تخصص طب العيون ثمانية اطباء، اما تاونات، فلم تكلف وزارة الصحة نفسها تخصيص و لو طبيب واحد في هذا التخصص..
ناهيك عن باقي التخصصات الاخرى التي لم يطاء قدم اطباءها اقليم تاونات قط، الشيء الذي يسائل استراتيجية وزارة الصحة في مجال العدالة المجالية بخصوص التوزيع المنصف و العادل للأطر الطبية عل مستوى الجهة عامة و اقليم تاونات على وجه الخصوص..
⬅️كان البروفسور الوردي، الوزير السابق للصحة، محقا حينما اقترح التوزيع الاجباري للأطباء الجدد على مستوى المدن النائية، و لكن هذا المقترح كلف السيد الوزير رأسه..
لأن اللوبي الذي يدبر قطاع الصحة بالمملكة السعيدة، متحكم في مراكز القرار، سواء بالبرلمان على مستوى التشريع، او على مستوى الحكومة، لأن اغلب الوزراء و المسؤولين الكبار يدرسون ابنائهم الطب او يمتلكون مستشفيات خاصة بالمدن الكبرى، و ليس في صالحهم سن قانون، او اصدار قرار يلزم ابنائهم – الاطباء بالعمل خارج المدن و الحواضر الكبرى التي تتوفر فيها شروط الاشتغال و البنيات التحتية للقطاع الخاص..
فمتى نحقق العدالة المجالية بين المدن داخل نفس الجهة، و متى تعتبر الدولة ان قطاع الصحة أولوية في مؤشرات الت رمضانمية المستدامة و ان الصحة غاية و ليست سلعة يمكن الاتجار فيها بين “الطبقات المرفحين” على حساب “الطبقة المهمشة”..!!