أحداث وقضايا

عين على الهامش.. دستور المملكة يشنق على مقصلة الشباب المعطل بقرية با محمد..!!

الدكتور جمال التودي/التحدي الإفريقي

تابع الرأي العام الوطني والمحلي، “مسحلة” الحقوق والحريات التي تعرض لها بعض الشباب المعطل، بقرية با محمة بإقليم تاونات، لهذه الشريحة من خييرة الحاصلين على الشواهد بالمعاهد والجامعات المغربية، حيث حاولوا ايصال صوتهم للجهات المعنية، لعلهم يجدوا آذانا صاغية من طرف المسؤولين بإقليمهم..

لكن، للأسف الشديد، كان الرد قاسيا، يعجز المرء عن وصفه، نظرا لقتامة المشهد، وبشاعة الصور التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، وشهادات بعض المواطنين الذين حضروا لعين المكان ووثقوا تلك التنكيلات والمشاهد المرعبة التي تحز في النفس، في غياب كلي للحركات الحقوقية، وتواري الاعلام المحلي والجهوي الذي عهدناه ينقل مهرجنات الرياضة والعيطة، وكأن شباب المستقبل ليس له أية قيمة، متناسيين بأن تلك الشريحة هي عماد المدينة، ومستقبلها الدي ستقوم عليه…

نعم، في خرق تام للمقتضيات الدستور الذي ينص في فصوله بشكل صريح على الحقوق والحريات التي ينبغي على الجميع احترامها، كما يتمتع بها كل مواطن بشكل عام، والشباب على وجه الخصوص..

لتوضيح الصورة أكثر، سنعرج على بعض المقتضيات الدستورية، التي يمكن من خلالها التذكير بأن الحقوق والحريات لها قدسيتها القانونية، وحرمتها التي كفلتها المواثيق الدولية، لذلك ينبغي احترامها وعدم المس بها، بأي شكل من الاشكال.

أولا- حقوق الشباب وضمانات ممارسة الحريات في ضوء دستور 2011 :

لقد حاول دستور المملكة الجديد التنصيص على مجموعة من الحريات، من أجل القطع مع تجاوزات السلطة، وضمان مجموعة الحقوق التي تعطي لشريحة الشباب ضمانات كافية لممارستها، بعيدا عن المضايقات والإنتهاكات التي تفرغ الوثيقة الدستورية من محتواها الحقوقي…

وسنحاول إبراز أهم تلك المقتضيات التي كرست بالملموس الجانب الحقوقي الذي لا ينبغي التطاول عليها، أو تجاوزها تحت أي ذريعة كانت، ومن أهم تلك الفصول التي نظمت الممارسة الحقوقية للشباب بالمملكة، نجد المقتضيات التالية :

* الفصل 20 الذي ينص على الحق في الحياة، باعتباره أهم حق من الحقوق التي لا تقبل التفويت او التصرف فيها، أو انتهاكها تحت أية ذريعة، ووفق أي مصوغ من المصوغات البشرية، بذليل أن القضاء المغربي أدان في عدة مناسبات، عبر أحكامه وقراراته، الانتهاكات الصارخة للسلطة في حق المواطنين، حيث هناك مقررات قضائية في هذا الباب، وبالأحرة السماح لبعض ممثلي انفاذ القانون التنكيل بشباب قرية با محمد، لا لشيء، سوى المطالبة بحقهم العادل والمشروع في حقهم في الشغل، أو ولوج وظيفة عمومية تؤمن لهم حقهم في حياة كريمة، تضمن لهم الاستقراب لخدمة مدينتهم وبلادهم في جو من المواطنة والمسؤولية…

* الفصل 29 الذي يقر بأن حرية الإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي مضمونة، مادام أن شباب قرية با محمد احترموا تلك المفتصيات، ولم بخالفوا القانون أثنان ممارسته لتلك الخقوق..

 

بحيث مارسوا حقهم في الإجماع السلمي، في جو من الإحترام التام للنصوص القانونية والدستورية، و في جو من الانضباط الذي يقتضي حماية الملك العام، وتقدير السلطات العمومية، وحفظ ممتلكات الدولة، لأن همهم الوحيد هو ايصال صوتهم للجهات المعنية لاخراجهم من ربقة العكالة والتشرب الذي فرض عليهم، جراء تعنت السلطات المحلية والاقليمية لإيجاد منصب شغل او مساعدتهم وتقديم العون لهم لفتح مشروع مدر للدخل..

بحيث نجد السلطات المحلية شبه غائبة فب تفعليل دورها الذي يقتضيه تكوين الشباب وتوفير عروض الشغل، لأننا نلمس غياب ANAPEC كمؤسسة تعنى بالبحث عن عروض الشغل، والتوسط للشباب لتسهيل ولوجه للشركات، أو مده بحقه في المعلومة في هذا المجال، حتى يتسنى له الاندماج في سوق العمل بطرق سلسة، تحفظ كرامته، بعيدا عن الاهانة والتنكيل مثل ما حصل لشباب قرية با محمد….

 

* الفصل 21 الذي ينص على الحق في السلامة الجسدية والمعنوية، لأي شخص في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت.. كما لايجوز لأي ان يعامل الغير معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية…

كما اعتبرت نفس الفصل 21 بأن ممارسة التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون…لكننا نجد أن النصوص القانونية في واد والواقع غي واد أخر، وخير دايل على ذلك، هو الوضع المقلق الذي يخيم على حياة معطلي قرية با محمد الذين تعرضوا، حسب الصور البشعة التي تتداول في المنصات الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث الجروح، والكسور والكدمات على مستوى الوجه والجسم لبعض الاطر المرابطة والمناضلة بفرية با محمد…

فهل إحترمت السلطات العمومية هذه المقتضيات الدستورية التي لا يمكن خرقها بأي شكل من الاسكال، وتحت أية ذريعة أو سبب، لذلك نجد الإنتهاكات التي تعرضوا لها شباب القرية هي ضرب من ضروب ممارسات التنكيل والتعذيب التي يعقاقب عليها القانون المغربي بشكل صريح، مما يستوجب معه ترتيب الجزاء على كل من خولت له نفسه المس بحقوق وحريات الشباب الذي يمارسه حقه في التظاهر التجمع السلمي، في احترام تام للمقتضيات الدستورية…

ثانيا- ثانيا- سبل حماية فئة الشباب من الخروقات، وضمان حقهم في الشغل:

كان حري بالسلطات الإقليمية والمحلية، فتح حوار جدي ومسؤول في وجه الاطر المعطلة وحامي الشواهد العليا، من أجل الاستماع إليهم، والإنصات لهم، وطرح ملفهم المطلبي على طاولة المناقشة، بحضور ممثلين عن العمالة، ولجنة من جماعة القرية، في جو يسوده الحوار، وأدبيات الرأي والرأي الآخر.. لأن مطالب هذه الشريحة المعطلة، ليس مستحيلة، با تدخل في نطاق الواجب الذي نص عليه الدستور غي باب الحقوق، حيث يأتي حق الشعل من أهمها..

وعند فتح قنوات التواصل ستكون السلطات المحلية والاقليمية جسدت إحدى أدوارها القانونية تجاه شباب معطل، ذنبه الوحيد أنه أفنى زهرة عمره في البحث والتحصيل ليرج من عنق البطالة، وينقد أسرته الصغيرة، ويخدم بلده، لا شيء آخر غي هذا الهدف النبيل…

غي هذا الصدد، نجد أن المغرب يتوفر على مجموعة من النصوص القانونية، يستوجب فقط احترامها، وعدم انتهاكها، حيث نجد أن الدستور المغربي ينص في فصله 31 على ان الدولة والمؤسسات العمومية تعمل على تيسير الإستفادة من الدعم في البحث عن منصب شغل، ويعتبر هذا الحق من واجب السلطات العمومية يقتضي ضمانه، لأن الشغل يندرج ضمن الحقوق الأساسية التي يجب توفيرها لهذه الشريحة من الشباب المعطل…

كما أن دستور 2012 يقر مجموعة من البنود التي تحتم على الدولة، والسلطات العمومية، خاصة الفصل 33، اتخاد فيها مجموعة من التدابير من أجل مساعدة الشباب على الإندماج في الحياة النشيطة، كما يضع نفس الفصل على عاتق الدولة واجب توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد…

في هذا السياق، اكتفينا بانتقاء مجموعة من الفصول التي تحمي حماية مباشرة الشباب العاطل، وتقر له حرياته التي يضمنها له الدستور، والمواثيق الدولية، بما فيها حماية الحياة الخاصة التي نص عليها الفصل 24 من دستور المملكة، الذي يقر بأن لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة، كما تضمن له حرية التنقل.. وذلك من أجل ممارسة حقه وحريته في التظاهر السلمي، ولا يتعرض لأي نوع من أنواع المضايقات، أو انتهاك سلامة شخصه كما أقرها الفص 21 من نفس الدستور…

مهما كانت الأعذار التي تحججت بها السلطات في التعاطي مع القمع تجاه الشباب المعطل، وتبرير الممارسات غير القانونية عليهم، فإن المقتضيات الدستورية التي أشرنا إليها أعلاه، تدين بشكل صريح كل التدخلات في حقهم، مما يستدعي مراجعة السياسة القمعية في حق خييرة الشباب، والتفكير في ادماجهم في سوق الشعل، أو على الأقل خلق مشاريع مدرة للدخل لحماية كرامتهم…!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى