عزيز رباح/التحدي الإفريقي
الأحد 26 أكتوبر 2025..(الجزء السابع)
في الجزء السابع من السلسلة، تم التركيز على الحكامة في قطاع الصحة، لأنها تمثل مفتاح كل الحلول، بدءًا من تكوين الموارد البشرية إلى بناء المرافق الصحية، مرورًا بكل سلسلة العمليات لإسعاف المريض.
ويجمع كل المخلصين للوطن على أن الحكامة هي الأصل والضمان والرافعة لمغربٍ صاعدٍ وصامدٍ على كل الأصعدة، وأن ضعفها هو أصل كل الأمراض السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية وغيرها.
وفي هذا الجزء سأتجرأ ولست مختصا، انطلاقًا من تجربتي ومصاحبتي لكثير من الأقرباء والجيران والأصدقاء والمواطنين الذين كُتب عليهم المرض، لأقترح بعض التوجهات لإصلاح قطاع الصحة وإنهاء معاناة المواطن وتردي مؤشرات الصحة في بلادنا.
– إيلاء عناية خاصة للموارد البشرية في القطاع العمومي خصوصًا، من حيث التكوين عددًا وجودةً، والتحفيز المالي أجورًا ومنحًا، والتخليق توعيةً ومراقبةً، والاستحقاق ترقيةً وتكليفًا… فالموارد البشرية في أربعة قطاعات: التعليم والصحة والقضاء والأمن، تستحق مزيدًا من التقدير المادي والمعنوي.
– المزيد من تطوير وتحرير قطاع الأدوية، من حيث تحفيز الصناعة، وإزالة كل العراقيل الظاهرة والخفية أمام الاستثمار الوطني والدولي، وأمام الاستيراد من دول صاعدة طبيًا، مع تقنين الأثمنة ومراقبة الجودة. فصحة المواطن والوطن أغلى واجب من ربحية بعض الشركات!
– فرض حكامة الخدمات الطبية في القطاعين العام والخاص، ووضع نظام مستقل ومتطور للتقييم والرقابة لمحاربة كل الاختلالات، من الاستقبال إلى الإسعاف. ويجب التسريع بتنزيل المقتضيات ذات الصلة التي تم التنصيص عليها في المخطط الإصلاحي للقطاع، كما يجب التعاون مع جمعيات حماية المريض والحق في الصحة.
– رقمنة الخدمات الطبية بناءً على سجلٍّ مرقمن للمريض، مع ربط إلكتروني إلزامي لكل الفاعلين: من الأطباء إلى شركات التأمين مرورًا بالصيدليات والمستشفيات والمختبرات… وقد أُعدّ مخطط رقمي للقطاع منذ أول استراتيجية رقمية قبل عشرين سنة، ويتم تعديله دوريًا، لكن هناك من لا يزال يتردد في تنزيله كما في قطاعات أخرى!
– إخراج الإطار المرجعي لكل الخدمات والتدخلات الطبية كالفحوصات والإسعافات والتحاليل والأدوية والإيواء… لضمان حقوق المرضى وحمايتهم من الابتزاز، وأيضًا لتفادي التجاوزات التي قد تُفلس صناديق التأمين.
– إحداث مآوي لأسر المرضى قرب المستشفيات، بضوابط صارمة وأثمنة مناسبة، بشراكة مع الجماعات الترابية والمحسنين والجمعيات والمؤسسات الدولية وبعض متقاعدي القطاع وبعض الإدارات، بما فيها الترابية.
– تشجيع الإحسان الطبي لإنشاء مرافق صحية غير ربحية كالمراكز الطبية للقرب والمصحات الكبرى والمختبرات وعيادات الولادة. كما يمكن توجيه هذا الإحسان لمنح الطلبة والمتدربين في مجالات الطب، ليستفيد منه الفقراء المسجلون في السجل الاجتماعي. ويمكن أن يتولى هذا الإحسانَ الطبي الأغنياءُ بتخصيص جزء من زكاتهم أو أرباحهم لهذه الغاية.
– تطوير وتعميم مرافق خدمات القرب كالهلال الأحمر، وتحفيز الاستثمار في مصحات صغرى بالأحياء الحضرية والمراكز القروية يشرف عليها مختصون في التمريض، وفق إطارٍ منظمٍ ومشجعٍ من حيث التشريع والدعم والضرائب ودفتر التحملات ونظام الرقابة.
– تمكين الصيدليات، نظرًا لانتشارها الواسع، من القيام ببعض الخدمات في الفحص والإسعاف، وفق ضوابط مؤطرة لذلك، وعلى رأسها توظيف مختصين، مما سيقرب هذه الخدمات ويُعجِّل بها ويساهم في تخفيف الاكتظاظ في المستشفيات، وخاصة في المستعجلات.
– إحداث شبكة للقابلات المتطوعات والمؤهلات في كل المناطق القروية، بمعدل خمسة إلى عشرة لكل جماعة ترابية، مع تخصيص منحة شهرية، وإحداث نظامٍ للمواكبة والمراقبة على المستويين المركزي والجهوي. فالقابلة تواكب المرأة من الحمل إلى الولادة لتفادي كثير من الإعاقات والأمراض المرتبطة بالولادة.
– تقوية برامج الوقاية من خلال التربية والتعليم ونظام إعلامي خاص بقطاعي الصحة والبيئة والاستهلاك، وأيضًا للإرشاد في التعامل مع الأمراض المزمنة والمرضى. وأقل ما يمكن القيام به هو إحداث إذاعة وقناة عمومية متخصصة، وفرض حصصٍ أسبوعية في التعليم والإعلام العمومي وحتى الخاص.
– تشجيع وتقنين الطب البديل وفق نظامٍ يؤطر هذا المجال، خاصة في برامج تكوين المختصين والتوعية والإسعافات والأدوية، على أساس كفاءاتٍ مختصةٍ حقيقية، مع محاربة الشعوذة والممارسات الفاسدة والدخلاء.
والخير أمام.