المستجدات العربية

دفاتر ممزقة ورسائل غاضبة.. التلاميذ بالجزائر يحتجون على النظام العسكري

في مشهد يعكس اختلال العلاقة بين الأجيال الصاعدة والنظام السياسي الجزائري، شهدت المؤسسات التعليمية في الأيام الأخيرة سلوكًا لافتًا من طرف التلاميذ: دفاتر وكراريس دراسية ممزقة، مبعثرة على أبواب المدارس، في صورة أشبه برسالة صامتة، لكن صارخة، موجهة إلى من يدير شؤون التعليم والسياسة في البلاد.

تحت رعاية “العم تبون”

في دولة تحترم إشارات المجتمع وتعطي وزنا لما يصدر عن شبابها، لكانت هذه الظاهرة كافية لإطلاق ناقوس الخطر، وعقد جلسات طارئة، وربما إعادة النظر في جوهر العملية التعليمية. لكن في الجزائر، وتحت رعاية “العم تبون”، تمر مثل هذه الوقائع وكأنها أمر روتيني لا يستحق سوى ملاحظات إدارية باردة.

وزير التربية، محمد صغير سعداوي، ظهر في ندوة تناولت التحضيرات للامتحانات الرسمية، ولم يتعدّ موقفه من الظاهرة سوى توصية تقنية: ضرورة تسليم الكراريس المستعملة لإدارات المدارس بدل تمزيقها. لا تساؤلات، لا بحث في الدوافع، ولا محاولة لفهم الخلفية التربوية أو الاجتماعية لهذا التصرف الجماعي من التلاميذ.

تسيير النفايات الورقية

الوزير بدا مشغولًا باللوجستيك والتنظيم، أكثر من انشغاله بالمغزى الحقيقي وراء هذه التصرفات. وحتى حين قرر اتخاذ “إجراء”، لم يكن سوى دعوة إلى إعادة تدوير الكراريس بالتنسيق مع وزارة البيئة. وكأن القضية بيئية، لا تربوية ولا سياسية.

وهكذا، تَحوّل وزير التربية إلى موظف يعنى بتسيير النفايات الورقية، لا رجل دولة مسؤول عن تشكيل وعي الأجيال. تجاهل الرسالة، وتفادى النقاش الحقيقي، وفضّل أن يتّبع القاعدة القديمة: “كم حاجة قُضيت بتركها”.

لكن الواقع لا يُدار بالتجاهل. وإذا كان هؤلاء التلاميذ قد اختاروا تمزيق دفاترهم كأقصى ما يمكنهم التعبير به عن السخط، فإن هذا التمرد الصامت اليوم قد يتحوّل إلى غضب صاخب غدًا، في بلد تتراكم فيه مؤشرات الانفجار الاجتماعي وتتجاهلها السلطة عمدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى