حقيقة انقطاع الأنترنت عن العالم لعدة أشهر.. وما علاقة العاصفة الشمسية بالأمر؟
يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خبرا يفيد بانقطاع الإنترنت حول العالم بحلول يوم 10 أكتوبر المقبل، مُحذرين بعضهم البعض من انقطاع خدمة الإنترنت بشكل كامل على مستوى العالم لعدة شهور، وذلك لأن كابلات الإنترنت التي تربط القارات والمحيطات تحت البحر قد تكون عرضة للتلف في حال حدوث عاصفة شمسية شديدة.
انقطاع الإنترنت في العالم
وبحسب مجلة «livescience» العلمية فإنّ انقطاع الإنترنت على مستوى العالم ما هو إلا مجرد شائعة أثيرت مرارًا وتكرارًا قبل سنوات، وتنبؤ غير مدروس؛ خاصة وأنّ العواصف الشمسية التي يمكن أن تصل لهذه الشدة نادرة الحدوث جدًا، وسُجّلت في التاريخ الحديث فقط عدة عواصف قليلة من هذا النوع مثل 1859 و1921 اللتان تسببتا في مشاكل على مستوى الاتصالات ونشوب بعض الحرائق؛ لكننا لا نعرف حتى اليوم مدى تأثير هذه العواصف على التكنولوجيا الحديثة، كون آخر العواصف بهذه الشدة قد حدثت منذ زمن بعيد جدًا قبل وصول التكنولوجيا لما هي عليه اليوم.
وبحسب المجلة العلمية، فإنّه لا يمكن التنبؤ بوقت حدوث العواصف الشمسية بشكل مثالي؛ فأحدث الطرق ليست دقيقة بنسبة 100%، وعملية التنبؤ تحتاج لساعات طويلة من النمذجة وبيانات الأقمار الصناعية، ولم تدخل حيز التنفيذ بعد.
الورقة البحثية التي تستند عليها شائعة انقطاع الإنترنت على مستوى العالم لم تؤكد حدوث عاصفة شمسية ولم تتنبأ بها، إنما كانت تبحث في درجة استعداد كوكب الأرض لحدث مماثل وتحدد نقاط الضعف في البنية التحتية الإنترنتية العالمية.
وبحسب موقع «دويتشه فيله» كان خبراء الفضاء أشاروا خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى إنّ العواصف الشمسية التي يمكن أن تحدث في غضون العقد القادم، قد تهدد شبكات اتصالاتنا بالإنترنت لأشهر أو حتى سنوات، مما يجعل الأقمار الاصطناعية وخطوط الطاقة عديمة الفائدة، إلا أنّ الورقة البحثية التي اعتمد عليها التقرير أكدت أنّ اتصالات الإنترنت المحلية والإقليمية من المحتمل أن تكون معرضة لخطر منخفض للتلف، لأنّ كابلات الألياف الضوئية نفسها لا تتأثر بالتيارات المستحدثة بالمغناطيسية الأرضية.
ومع ذلك، فإن كابلات الإنترنت الطويلة الموجودة تحت البحر والتي تربط القارات هي قصة مختلفة. إذ تم تجهيز هذه الكابلات بمكررات لتعزيز الإشارة الضوئية، متباعدة على فترات تتراوح من 30 إلى 90 ميلاً تقريبًا (50 إلى 150 كيلومترًا). هذه المكررات معرضة للتيارات المغناطيسية الأرضية، ويمكن أن تصبح الكابلات بأكملها عديمة الفائدة إذا انقطع اتصال مكرر واحد، وفقًا للورقة البحثية.
انقطاع الإنترنت عن العالم مبني على نتائج غير مدروس
وبحسب سانجيثا عبده جيوثي، الأستاذة المساعدة في جامعة كاليفورنيا في إيرفين، فإنّ تعطل عدد كاف من الكابلات البحرية في منطقة معينة، يمكن أن يؤدي إلى انقطاع قارات بأكملها عن بعضها البعض. علاوة على ذلك، فإن الدول الواقعة عند خطوط العرض العليا – مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة – أكثر عرضة للطقس الشمسي من الدول الواقعة عند خطوط العرض المنخفضة. وفي حالة حدوث عاصفة مغنطيسية أرضية كارثية، فإن الدول الواقعة على خطوط العرض العليا هي التي من المرجح أن تنقطع عن الشبكة أولًا. من الصعب التنبؤ بالمدة التي سيستغرقها إصلاح البنية التحتية تحت الماء، لكن تشير الاحتمالات إلى انقطاع الإنترنت على نطاق واسع لمدة أسابيع أو أشهر
وعلى الرغم من ذلك، تقول «جيوثي» إنّ الحضارة الإنسانية أصبحت أكثر اعتمادًا على الإنترنت العالمي، ولا تزال التأثيرات المحتملة لعاصفة مغناطيسية أرضية ضخمة على تلك البنية التحتية الجديدة غير مدروسة إلى حد كبير.
ويقول المهندس محمد الحارثي استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، إنّ انقطاع الإنترنت حول العالم أمر غير محتمل الحدوث خاصة وأنّها تمتد إلى الدول عن طريق كابلات بحرية، إذ يمكن أن تتسبب التغيرات المناخية في التأثير على خدمة الإنترنت بالفعل عن طريق الأقمار الصناعية، ويكون ذلك الأمر في بعض الدول دون غيرها، ولكن يستحيل أن تنقطع خدمة الإنترنت فجأة على مستوى العالم: «خريطة الكابلات البحرية ليها طريقة تمرير وأماكن لا يعلم عنها أحد وتندرج ضمن النطاقات السرية، وانقطاع الإنترنت على مستوى العالم ده كلام مش دقيق طبعًا»، مؤكدًا أنّ العالم لم يشهد انقطاع الإنترنت فجأة على مستوى الدول من قبل خاصة أنّ فلسفة تمرير الكابلات البحرية تخضع لعملية غاية في التعقيد يصعب الإضرار بها.