بقلم/سيداتي بيدا/التحدي الإفريقي
في سياق وطني يتسم بتأكيد متواصل على إصلاح الإدارة العمومية وتحسين جودة خدماتها، تبرز تجارب واقعية يعيشها طلبة داخل مؤسسات جامعية كبرى، بما تحمله من دلالات تستحق التوقف والتحليل، لا من باب الاتهام، وإنما من باب مساءلة الممارسة الإدارية في ضوء المبادئ المؤطرة لها.
أحد طلبة جامعة القاضي عياض، الذي عانى من إشكال إداري محدد، يروي تجربة شخصية موثّقة عاش تفاصيلها داخل رئاسة الجامعة، بعد أن سلك المسطرة الإدارية المعمول بها واحترم تسلسلها القانوني إلى آخر درجة.
ومع تعذّر لقائه برئيس الجامعة، تم توجيهه إلى نائب الرئيس، وفق ما تقتضيه الأعراف الإدارية.
غير أن الطالب، حسب روايته المباشرة، لم يتمكَّن من لقاء المسؤول المعني، بل وجد نفسه في مسار إداري متشعّب، تنقّل خلاله بين عدة مكاتب داخل نفس المقر، حيث طُلبت منه معطيات شخصية وخاض نقاشات جانبية لا ترتبط جوهريًا بموضوع طلبه، قبل أن تُنقل تلك المعطيات إلى نائب الرئيس عبر موظفين.
وبعد مدة زمنية، توصّل الطالب بجواب إداري اعتبره غير منصف، دون أن تُتاح له فرصة عرض وجهة نظره بشكل مباشر أو مناقشة القرار مع الجهة المختصة.
وهو ما يطرح، وفق منطق الحكامة الجيدة، تساؤلات حول مدى احترام مبدأ الاستماع، الذي يُعدّ ركيزة أساسية في تدبير شكايات المرتفقين، وخاصة داخل مؤسسة جامعية.
وتكمن الإشكالية هنا، ليس في مضمون القرار في حد ذاته، بل في طريقة اتخاذه ومسار معالجته.
فحين يتم تعويض التواصل المباشر بسلسلة من الوساطات الإدارية، تصبح المعلومة عرضة للاختزال أو التأويل، وهو ما قد يؤثر على سلامة القرار النهائي، دون الحاجة إلى افتراض نية مسبقة أو تحميل أشخاص بعينهم مسؤولية مباشرة.
إن هذه التجربة، تعكس نموذجًا إداريًا يستدعي التقييم والتقويم، خاصة داخل صرح أكاديمي يُفترض أن يكون قدوة في احترام المساطر، والإنصات، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
فالجامعة ليست فقط فضاءً للتحصيل العلمي، بل مدرسة في الممارسة المؤسساتية السليمة.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: كيف يمكن لمؤسسة يُنتظر منها تكوين أطر الدولة المستقبلية، أن تكرّس داخلها ممارسات قد تُفهم على أنها بعيدة عن روح الإصلاح الإداري التي تشكّل اليوم أحد أعمدة السياسات العمومية؟