أحمد لشكر/التحدي الإفريقي
تفنيت قرية صغيرة تقع بساحل جماعة سيدي بيبي باشتوكة أيت باها، شاطئ صغير بمناظر شبه طبيعية كانت تزينه بعض المنازل التقليدية واكواخ اتخذها الصيادون مأوى لهم، لكن ورغم بساطته وافتقاره الكثير من التجهيزات والمرافق، إلا أنه ارتبط بذاكرة سكان المنطقة واصبح جزءا من حياتهم خصوصا منهم من قضى فيه الكثير من أيام طفولته حتى بات يعتبره بمثابة حديقة بيته.
واحدة من هؤلاء هي بنت من أبناء المنطقة تسكن بديار المهجر، ولكنها اعتادت زيارة شاطى تيفنيت في كل عام، مما ولد لديها حبا شديدا تجاهه، لعلها صدمت بواقع الخراب الذي وجدته في شاطئها المفضل، فظلت في لحظات تتأمل المكان مسترجعة كل تلك الذكريات التي عاشتها هناك.
وبعين الفنانة التشكيلية استوحت منه لوحة فنية عبارة عن عين تنظر من الماضي لتذكر به كل من مر أمامها، ولعلها تجعلها ذكرى ما بعد واقعة الهدم في انتظار ما ستؤول إليه أوضاع قرية الصيادين مستقبلا، خصوصا مع غياب أي معلومات عليها.
تكفلت الفتاة بإحضار مواد الرسم وتكلفت عناء تسلق الجرف حتى أبدعت اللوحة ونالت شغفها واعتقدت أنها فتحت عين ألذكريات، غير أنها لا تعلم أن هناك أكثر من عين تراقبها من قريب منتظرة فقط انتهاءها من الرسم حتى تصدر في حقها أحكاما جاهزة وتجهز لها الادعاءات والتفسيرات كلها تتجه نحو الفهم الخاطئ للجدارية وغرض صاحبتها منها.
هذا، فتحولت من فكرة إبداعية لفتاة بريئة، إلى تهمة مبنية على فهم خاطئ وتفسير أحادي التوجه، فكانت النتيجة أن تقرر في الهواء الطلق وخارج أي إطار، طمس إبداع المحبة في قلب محبوبها، وتذكيرها بأن حتى حق الاستمتاع خارج النسق لم يعد مسموحا به هناك.
هذه الحادثة قد تدفعنا إلى فتح النقاش حول الحدود الإبداعية والتأطيرية والتشجيعية للشباب، من يرسمها ومن يدعمها ومن يؤطرها ؟ وما هي الافاق المفتوحة أمام المبدعين في كل تراب الوطن ؟ وما هي آليات التوجيه المعتمدة لذلك ؟ ثم من يقرر حدود الذوق العام ومن يوجهه ؟
لعلها أسئلة توصلنا إلى فكرة تحويل الفضاءات العامة إلى معارض فنية للشباب المبدعين في كل المجالات.