مولاي زايد زيزي مدير نشر جريدة التحدي الإفريقي
تُعدّ هذه المدينة نموذجًا صارخًا لمدنٍ وهبها الله من المؤهلات الطبيعية والتاريخية ما يجعلها قبلةً سياحية بامتياز، لكنها ظلت، لسنوات طويلة، حبيسة التهميش وسوء التدبير، بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية وضعف بصيرة من تعاقبوا على تسيير شؤونها.
مؤهلات طبيعية وسياحية واعدة.
تزخر المدينة بمؤهلات قلّما تجتمع في مكان واحد؛ طبيعة خلابة، مناظر جبلية أو سهلية آسرة، مناخ قاري، موارد مائية هائلة، وغنى بيئي يصلح للسياحة الجبلية والإيكولوجية.
كما تحيط بها فضاءات طبيعية يمكن استثمارها في مسارات المشي، التخييم، والرياضات الجبلية، فضلًا عن موارد فلاحية تقليدية قادرة على دعم سياحة قروية مستدامة.
ولا تقل المؤهلات الثقافية والتاريخية أهمية، إذ تحمل المدينة إرثًا حضاريًا وعادات وتقاليد أصيلة، ومواقع تاريخية كانت، لو أُحسن تثمينها كفيلة بجذب الزوار والباحثين عن الأصالة والهوية.
اختلالات التسيير وغياب الرؤية.
رغم هذا الرصيد الواعد، ما تزال المدينة تعاني من هشاشة البنيات التحتية السياحية، غياب فضاءات الاستقبال، ضعف العناية بالمآثر، وانعدام التسويق الترابي. والسبب الجوهري لا يكمن في قلة الإمكانيات فقط، بل في ضعف التخطيط الاستراتيجي، وغياب الجرأة في اتخاذ القرار، وانشغال بعض المسيرين بالتدبير اليومي الضيق بدل التفكير في تنمية بعيدة المدى.
كان على المجلس الحالي في ظل الإمكانيات المالية المتاحة بتشديد دور مآوي لاستقبال أسر في عز حرارة الصيف وفي باقي الفصول بالهضاب والقمم المتاخمة لمصب عين أسردون، ستذر مداخيل مهمة وتشغيل الشباب العاطل.
حلم المصعد الكهربائي اي التليفيريك في مهب الريح ومشروع ربط المدينة بشبكة السكك الحديدية قد أقبر بعد زخم من اللقاءات والدراسات التي كلفت الخزينة مبالغ مهمة، ذلك بسبب نحاعة سياسيين غيورين لهم جرأة طرق الأبواب حتى الازعاج إن صح التعبير.
لقد تحوّل التسيير، في كثير من الأحيان، إلى تدبير مناسباتي، تغلب عليه الحسابات الانتخابية الضيقة، دون إشراك حقيقي للكفاءات المحلية أو الاستماع لنبض الساكنة ومقترحات المجتمع المدني.
فرص ضائعة وتهميش مقنّع.
أضاعت المدينة فرصًا ثمينة للشراكات والاستثمارات السياحية، كما فشلت في استغلال برامج الدعم الوطنية والجهوية. وبدل أن تكون السياحة رافعة للتشغيل والتنمية، ظل الشباب يهاجر بحثًا عن فرص غائبة، وبقيت المؤهلات الطبيعية شاهدة على سوء التقدير لا على فقر الإمكان.
أي أفق للإنقاذ؟
إن إنقاذ المدينة يمر عبر تغيير جذري في العقليات قبل تغيير الوجوه، واعتماد رؤية تنموية واضحة تُراهن على:
*تثمين المؤهلات الطبيعية والثقافية.
*تشيع الاستثمار السياحي المسؤول.
*إشراك الكفاءات المحلية والساكنة.
*ربط المسؤولية بالمحاسبة.
*اعتماد حكامة جيدة وتخطيط مبني على معطيات واقعية.
خاتمة.
هذه المدينة لم تكن يومًا فقيرة، بل تعاقبت عليها أشخاص دون مستوى المسؤولية، همهم الوحيد الريع وتراكم الثروات دون حسيب ولا رقيب، ودليل خبث المسؤولين على التدبير للشان المحلي هو ما نتابعه من محاكمة لهؤلاء البؤساء.