انسحاب الجزائر من برلمان المتوسط المنعقد بالمغرب
بالانسحاب من سباق احتضان الكان لسنة 2025م و2027م، مُرورا بالانسحاب من طلب الانضمام لمنظمة “بريكس” الاقتصادية، إلى الانسحاب من الجامعة العربية التي تم عقدها لمساندة القضية الفلسطينية، ثم الانسحاب من جلسة مجلس الأمن بالأمم المتحدة المتعلقة بذات الموضوع، والانسحاب من مؤتمر شرطة العرب المنظم في مراكش، وبعدها الانسحاب من القمة الروسية العربية بدعوى عقدها بالمغرب، وقبلها الانسحاب من مؤتمر المناخ بمصر والانسحاب من اجتماع اتحادات المحامين بلبنان، وأخيرا وليس آخرا، انسحاب الجزائر من قمة برلمان المتوسط التي انطلقت أشغالها بالمغرب يوم الخميس 15 فبراير الجاري، لتصبح بذلك الجزائر أول دولة مُصَنَّفة عالميا في قضايا الانسحاب من المؤتمرات الدولية والندوات العالمية؛ بعدما كانت الأولى فقط في تصدير أرجل الدجاج منزوعة العظام والأظافر.
لم يعد يغيب عن أحد، أن قوانين السياسة المتداولة، ومبادئ العلاقات الدولية والدبلوماسية المتعارف عليها، عاجزة عن أن تفسر قرارات الدولة الجزائرية، أو بالأحرى ما تبقى منها؛ لهذا صرّح “لافروف”، وزير خارجية روسيا، تعليقا على رفض انضمام الجزائر إلى مجموعة “بريكس” الاقتصادية، بأن الجزائر ليس لديها هيبة أو وزن سياسي على الساحة الدولية والعالمية؛ وإذا كان هذا موقف روسيا التي “تأكل” مليارات الشعب الجزائري مقابل خردة عسكرية لا تسمن ولا تغني من جوع، بدليل سقوط عدد من الطائرات العسكرية الجزائرية كل عام، فكيف سيكون مواقف الدول التي لا تستفيد منها شيئا لا من بعيد ولا من قريب؟
إن ربط طغمة العسكر الجزائري بقاءَها على سدة الحكم بنصب العداء للمغرب ربط غير موفق؛ خصوصا وأن هذا العداء قد استنفد كل إمكانيات الاستثمار فيه، فبعد أن خسر هذا النظام المعتوه مئات المليارات من الدولارات على مرتزقة البوليزاريو، والذين يبدو أنهم صاروا بدورهم يستثمرون في مرتزقة من دول أخرى، انقلبت دول العالم أجمع على أطروحات الانفصال وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا؛ وخير دليل على ذلك، عدد القنصليات التي فُتحت في الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة.
إن قضية الصحراء المغربية قد حُسِمت منذ زمن ومن غير رِجعة، مثلما أكد السيد بوريطة مؤخرا على هامش اجتماعات الاتحاد الإفريقي؛ لهذا ترى النظام الجزائري يلفظ أنفاسه الأخيرة، إلى درجة أنه صار ينسحب من اللقاءات الدولية كل أسبوع مرة أو مرتين؛ ولم يتبق له سوى أن ينسحب من كرسي الحكم الذي أخذه بالقوة وحافظ عليه بمزيد من القوة، ويدع الشعب الجزائري المغلوب على أمره يقرر مصيره بيده؛ أو بالأحرى ما تبقى من الشعب.