الاقتصاد والمالية

المغرب يراهن على قطاعات المستقبل لرفع حجم الصادرات إلى 70 مليار دولار سنة 2034

في عالم يشهد تحولات اقتصادية وجيوسياسية متسارعة، يواصل المغرب إعادة رسم موقعه في خارطة التبادلات الدولية، من اقتصاد يعتمد تقليديًا على تصدير المواد الخام إلى نموذج متقدم قائم على سلاسل القيمة والصناعات ذات القيمة المضافة العالية.

خلال سنة 2024، بلغت صادرات المغرب ما يقارب 44 مليار دولار أمريكي نحو مختلف الأسواق العالمية، حيث استحوذت أوروبا على حوالي 70% من هذه الصادرات. ويتجلى التركيز القطاعي في قطاعين رئيسيين: صناعة السيارات التي تمثل نحو 28% من إجمالي الصادرات، وصناعة الفوسفاط ومشتقاته بحوالي 20%.

و تمثل صناعة السيارات قصة نجاح بارزة في الاقتصاد المغربي، إذ استطاع المغرب جذب كبار المصنعين العالميين بفضل بنيته التحتية الحديثة وموقعه الجغرافي الاستراتيجي. ومع ذلك، تكشف التحديات العالمية مثل اضطرابات سلاسل التوريد، والانتقال نحو المركبات الكهربائية، والاعتماد على الشركات الأوروبية الكبرى، عن حاجة ملحة لتنويع القاعدة التصديرية وتعزيز المناعة الاقتصادية.

و بحسب خبراء اقتصاد ، فرغم محدودية الموارد الطبيعية، يمكن للمغرب تحقيق قفزة نوعية في صادراته عبر تبني استراتيجية تقوم على ثلاث ركائز أساسية الاندماج في سلاسل القيمة العالمية عبر استيراد المواد شبه المصنعة ثم إضافة القيمة داخل المغرب عبر التصميم، التجميع، التصديق، التخصيص، وإعادة التصدير بالاستفادة من اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، والدول الإفريقية.

و تطوير محاور صناعية ولوجستية، مثل ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي المستقبلي، لجعل المغرب مركزًا مفضلًا للاستثمار في مجال الـnearshoring.

إضافة إلى الاستثمار في الكفاءات والمعرفة من خلال دعم البحث والتطوير، والالتزام بالمعايير الدولية، وتطوير خدمات الصيانة والتدوير الصناعي.

و لتعزيز صادراته وتوسيع قاعدة الإنتاج، يرى خبراء أن المغرب يمكن له التركيز على ستة قطاعات استراتيجية ذات إمكانيات نمو مرتفعة خلال العقد المقبل ، مثل السيارات والتنقل الأخضر مثل إنتاج البطاريات، المحركات الكهربائية، وتقنيات الهيدروجين.

و الطاقات المتجددة ، عبر تصنيع الألواح الشمسية، إنتاج الهيدروجين الأخضر، وبنية تحتية لمحطات الشحن الكهربائي.

و الصناعات الغذائية عالية الجودة ، خاصة المنتجات البيولوجية، المجمدة، والمعلبة.

زيادة على الصناعات الصيدلانية والبيوتكنولوجية خصوصًا الأدوية الجنيسة واللقاحات الموجهة للقارة الإفريقية ، و التكنولوجيا والخدمات الرقمية عبر مراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي التطبيقي.

و بفضل هذه القطاعات، يمكن للمغرب بحسب تحليلات اقتصاديين، رفع حجم صادراته إلى ما بين 65 و70 مليار دولار بحلول 2034، أي بزيادة تتراوح بين 50% و60% مقارنة بعام 2024.

و خلص مختصين إلى أن المغرب أثبت من خلال تجربته في صناعة السيارات، أن بناء قطاعات تصديرية قوية لا يتطلب وفرة في الموارد الطبيعية، بل رؤية استراتيجية، بنية تحتية متطورة، وكفاءات بشرية مؤهلة وإذا نجح في تعميم هذا النموذج على قطاعات جديدة، واغتنام الفرص التي تتيحها التغيرات العالمية، فبإمكانه ضمان استدامة مداخيله، تنويع أسواقه، وترسيخ مكانته كمركز صناعي ولوجستي يربط بين أوروبا، إفريقيا، والأمريكيتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى