رد على المقال: *”المغرب في قبضة الانهيار الشامل: نهاية مرحلة أخنوش ومأزق الدولة”*
بقلم ريضا عدام.
بداية، وجب التأكيد على أن من كانت له حسابات سياسية مع السيد عزيز أخنوش أو غيره من الفاعلين السياسيين، فليصفِّ حساباته حيث يجب، وكيف يجب، وبالوسائل المشروعة، *لا عبر تشويه صورة الوطن أو تغذية الإحباط والتيئيس في نفوس أبنائه.*
* وأقول لمن له حسابات مع أخنوش : *ستمضي مرحلة أخنوش كما مضت مراحل سابقة، قيل عنها الأسوأ من طرف دعاة اليأس والتبخيس، ويبقى المغرب شامخًا، صامدًا، ومسيرته نحو البناء والتقدم مستمرة لا يثنيها خطاب التشاؤم ولا توقفها أي محاولات للتيئيس…*
كما وجب التأكيد على اننا نؤمن بأن النقد السياسي حق، بل واجب، أما الإساءة إلى الوطن وتبخيس إنجازاته فهي جناية فكرية على المستقبل قبل أن تكون خلافًا مع الأشخاص.
وانطلاقًا من هذا المبدأ، فإن هذا المقال الذي حمل عنوانًا مثيرًا وصياغة درامية هو في جوهره محاولة واعية أو غير واعية لإنتاج مناخ من الإحباط والتيئيس، عبر تصوير المغرب وكأنه في حالة انهيار شامل لا رجعة فيه، مع إغفال أو طمس متعمّد، او غير متعمد، لحقائق ميدانية وإنجازات واضحة للعيان.
*أولًا: الخطاب الانتقائي:*
الكاتب يمارس انتقاءً شديدًا للوقائع، يختار أسوأ المؤشرات ويعطيها حجم الكارثة، بينما يتجاهل القفزات النوعية التي حققها المغرب في العقدين الأخيرين: البنية التحتية، الطاقات المتجددة، المشاريع المينائية الضخمة، التوسع في شبكات الطرق السيارة والسكك الحديدية، تعميم الكهرباء والماء في القرى، وتحديث المنظومة الأمنية والدفاعية، الثورة الرقمية…الخ.
*ثانيًا: تزييف ميزان التقييم:*
النقد البنّاء يعرض النجاحات والإخفاقات معًا ويضعهما في سياق عالمي، أما هذا المقال فيرسم لوحة قاتمة خالصة، كما لو أن كل شيء انهار، بينما الواقع أكثر تعقيدًا: نعم هناك إخفاقات، اعترفت بها أعلى سلطة في البلاد وهي عازمة على تجاوزها، خصوصًا في التنمية البشرية وبناء العنصر البشري، وفي تعزيز المسار الديمقراطي، لكن هذا لا يلغي أن المغرب يمضي إلى الأمام بخطوات ثابتة، وإن كانت غير كافية لتطلعات الجميع.
*ثالثًا: التهويل والتعميم:*
يستخدم الكاتب لغة الانهيار الكامل: “جثة”، “انفجار”، “سقوط شامل”… وكأن المغرب لم يعرف في تاريخه إلا التراجع. هذه اللغة العاطفية تحجب أي نقاش عقلاني، *وتدفع القارئ نحو الإحباط بدل تحفيزه على المطالبة بالإصلاح بوعي ومسؤولية*.
*رابعًا: غياب البعد المقارن:*
لم يضع الكاتب أرقام المغرب في سياق الظروف الدولية: أزمات الطاقة، آثار الجائحة، الحروب الإقليمية، التضخم العالمي، التغير المناخي… كل هذه عوامل تضرب حتى أقوى الاقتصادات، لكن المقال يصور الأمر وكأنه فشل داخلي صرف، وكأن المغرب يعيش في كوكب معزول عن الأزمات العالمية.
*خامسًا: تناقض خفي:*
يهاجم المقال الدولة بوصفها “منهارة” ثم يطالبها بالقيام بإصلاحات عاجلة، وكأن مؤسسة منهارة قادرة على إنتاج حلول! هذا التناقض يكشف أن الغاية ليست الإصلاح، بل هدم الثقة في الدولة ورموزها.
*الخلاصة:*
المغرب ليس جنة على الأرض، نعم، وهناك قصور حقيقي في التعليم، والصحة، والتنمية البشرية، وفي تعزيز المسار الديمقراطي، لكن تصويره على أنه *”في قبضة الانهيار الشامل”* ظلم وعدوان على تضحيات أجيال وعمل مستمر ينجز في مجالات عدة. النقد مطلوب، لكن النقد الممنهج للتيئيس هو خيانة فكرية قبل أن يكون رأيًا.
والمغرب سيظل، رغم العثرات، بلدًا يبني نفسه في بيئة إقليمية وعالمية صعبة، ولن يسقط إلا إذا سلمنا عقولنا لخطابات الهدم والإحباط.
فلنجعل من النقد الصادق أداةً للبناء والإصلاح، لا مطرقةً للهدم والتيئيس، ولنجعل من اختلاف الرأي منطلقًا لإثراء النقاش وتعميق الوعي، لا ذريعة لزرع الشقاق وضرب الثقة في مؤسسات الوطن. ولنمضِ، كلٌّ من موقعه، في خدمة مغرب يستحق منا الإخلاص في القول والعمل، والوفاء لدماء من ضحّوا من أجل أن يظل هذا الوطن واقفًا، قويًّا، ومصون الكرامة.