وكالات

المغاربة يهاجمون صفحة armas ويتهمونها بالقتل والشركة ترد بحذف التعليقات

بعد فاجعة اختفاء مروان على متن باخرة “أرماس”، انبرى المغاربة والمتضامنون في أنحاء العالم في حملة تضامنية لم تشهدها القضية من قبل. لكن، وسط هذا الزخم العاطفي والتضامن الواسع، ظهرت أبعاد جديدة للقضية تطرح تساؤلات عن الحرية في التعبير وعن مستوى الشفافية الذي تتعامل به بعض الشركات مع قضايا إنسانية.

منذ اللحظات الأولى لاختفاء مروان، انطلقت حملة دعم واسعة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، كان هدفها الرئيس هو تسليط الضوء على الحادثة والمطالبة بإيجاد مروان.

لكن هذه الحملة لم تكن بالسهولة المتوقعة. فبدلاً من الاستجابة الإنسانية، تعرضت صفحة الباخرة “أرماس” لانتقادات حادة من قبل العديد من المتضامنين المغاربة، الذين وصفوا الشركة بمختلف الألقاب، وأكدوا أن التردد في تقديم إجابات حقيقية عن مصير مروان هو تواطؤ مقصود.

لم يكن رد الشركة أو إدارة الصفحة في مستوى الحدث، بل على العكس، كان ردهم عنيفًا في معركة غير متكافئة ضد حرية التعبير. تم مسح العديد من التعليقات التي عبرت عن مشاعر الحزن والاستنكار، وكان ذلك بمثابة قمع سافر لحقوق الأشخاص في التعبير عن آرائهم، دون أي تبرير مقبول. ألهذا الحد وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها التعبير عن التضامن جرمًا يعاقب عليه في فضاء افتراضي؟

يثير الاستغراب أكثر هو أن القضية تطورت بشكل درامي إلى محاولة إخفاء الحقائق والتعتيم على ما وقع. كان من المفترض أن يكون هذا الموقف فرصة لإظهار التضامن الحقيقي من قبل الشركة ومسيريها، لا أن يتم تجاهل العائلات المتألمة وكأنهم مجرد أرقام في معادلة لا تعني لهم شيئًا. من يعوض العائلة في مثل هذه اللحظات الصعبة؟ أليس من حقهم أن يطمئنوا على ابنهم؟

الكل يتساءل: لماذا لم تعلن الشركة عن أي خطوات جادة لمعرفة مصير مروان؟ لماذا هذا الصمت المطبق؟ ومن المسؤول عن هذا القمع الممنهج للأصوات المتضامنة التي كانت تطالب بالعدالة؟ في عالم حيث المعلومات تنتقل بسرعة البرق، كان من المتوقع أن تكون هناك شفافية أكبر في التعامل مع القضية.

إن هذا الحادث يفتح المجال للتفكير في المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن تتحملها الشركات الكبرى تجاه المواطنين. فليس كافيًا أن تقوم الشركات بتقديم خدماتها وتحقيق الأرباح فقط، بل عليها أن تكون حاضرة في الأوقات الصعبة وأن تدافع عن حقوق الإنسان، خاصة عندما يتعلق الأمر بحياة أو موت.

ما حدث من محو للتعليقات وتهديد للمتضامنين هو خرق واضح لحق الناس في التعبير. هذا يطرح إشكالية كبيرة حول قضايا حرية الرأي في العالم الرقمي، التي غالبًا ما تكون عرضة للاستغلال والسيطرة. فهل تتحكم الشركات في الفضاء الرقمي إلى درجة أن يصبح الرأي العام محصورًا في نطاق ما تراه الشركات؟

وفي نهاية المطاف، من المفروض أن تتحلى هذه الشركات بشجاعة الاعتراف بخطأ ما حدث. كان يجب عليها أن تكون أكثر شفافية وتواضعًا وأن تتفاعل مع جمهورها بدلًا من أن تنغلق على نفسها وتمنع التفاعل. فالمغاربة والعالم بأسره يستحقون إجابة واضحة حول قضية مروان، ولا يجب أن يتحول الحادث إلى مجرد “خبر عابر”.

لا شك أن الشركة مدعوة اليوم للاعتذار، ليس فقط للعائلة، بل لكل من دعم القضية في عالم افتراضي كان ينبغي أن يكون مكانًا للحرية والتضامن. فكما نطالب بمحاسبة القائمين على الحادثة، نطالب أيضًا بمحاكمة القمع الرقمي الذي مارسوه على أصحاب الحق في التعبير.

ما جرى على صفحة “أرماس” من مسح لتعليقات المتضامنين ليس مجرد سلوك غير أخلاقي، بل هو خطوة لتكميم الأفواه في فضاء كان ينبغي أن يكون ساحة للنقاش الحر. على الرغم من أن العالم الافتراضي لا يملك القدرة على تغيير الواقع، إلا أنه يعد منبرًا مهمًا لتسليط الضوء على القضايا الإنسانية، وكبح هذا الحق لا يعدو أن يكون ضربًا من التسلط الرقمي الذي يستوجب الرد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى