من أهم مهام رؤساء المجالس المنتخبة، ورؤساء بعض المؤسسات بالإقليم، هي القيام بتلبية احتياجات الساكنة، وتحقيق مطالبهم.. بل المساهمة في حل مشاكلهم، والسعي نحو تحقيق الرفاه، وتوزيع ثمار التنمية بشكل عادل…
هذه المهام تندرح ضمن الصلاحيات التي كرسها الدستور، ونصت عليها القوانين المنظمة لتلك الجماعات والمؤسسات العمومية، غير أن الواقع بوحي بأن إقليم تاونات تدبره طبقات/ لوبيات محمية لا تطالها المسؤولية، غير الواقع المعاش، كيف ذلك ؟!
من أخطر المعضلات التي تفسر تقاعس هؤلاء المدبرين المحليين والمعينين، هو عدم الإلمام بالصلاحيات التي يحددها لهم القانون، او التغاضي عن مهامهم في تنظيم كل ما له علاقة بتدبير الشأن العام، وخير دليل على ذلك هو محاولة التنصل من تحمل مسؤولية في ملفات فلاحية، من قبيل ملف السقي بحوض الساهلة وبوهدة، و ملف الألفية الثالثة لغرس الزيتون وملف مزارعي القنب الهندي، باعتبارهم شريحة تنتمي لفئة الفلاحين الذين يمارسون النشاط الفلاحي، بشتى أنواع الزراعات، سواء كانت سقوية أو بورية، أو باقي الأنواع الأخرى المؤطرة بقوانين خاصة، كالزراعات العطرية التي تدخل ضمن أشغال معهد الأعشاب الطبية والعطرية بساحل بوطاهر، أو زراعة القنب الهندي المنظمة بمرسوم خاص يحدد تدبيره من طرف وكالة تقتين القنب الهندي…
هذه مجموعة من أنواع الأنشطة الفلاحية المنظمة بقوانين خاصة، ولكن التشريع العام، يبقى ساري المفعول، إما مفسر، أو مكمل، أو محدد للإطار العام الذي يؤسس لتلك المؤسسات العمومية أو القطاعات الحكومية التي تدخل في هذا النطاق، كالمديرية الإقليمية للفلاحة، والغرفة الفلاحية، والجماعات المحلية، وغيرها من القطاعات المعنية بتدبير الشأن الفلاحي والزراعي بالإقليم، خاصة تدخلها في تدبير الأوراش الخاصة بإنقاد بعض مشاريع السقي كمشروعي حوض الساهلة وبهودة الذين افشلوا أمام أعين مسؤولي مديرية الفلاحة والغرفة الفلاحية، والسيد العامل الذي لم يأمر بتحريك تحقيق جدي لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاء على المتورطين، فمشروع السقي بحوض الساهلة يعد مساهمة من الإتحاد الأوربي لتنمية الأقاليم الشمالية والمساهمة في الاستثمار في الزراعات البديلة للقنب الهندي، كما نصت عليه الإتفاقيات التي أطرت مشاريع السقي الساهلة وبهودة…
فأين هي سلطات المراقبة التي يستوجب عليها التدخل لفتح تحريات في الموضوع، لأن أغلب المتورطين في إفشال تلك المشاريع الخاصة بالسقي لازالوا يمارسون مهامهم في استفزاز مقرف للفلاحين الذين يشاهدون مزروعاتهم وأشحارهم تضيع بدون موجب حق…
أما فيما يتعلق بالفعالية التدبيرية، والنجاعة السياسية التي تقتضي التدخل المناسب في الوقت المناسب من طرف الساسة والمعينين، خاصة في جانبه الإستباقي، يلاحظ تأخر غير مبرر من طرف المدبرين المحليين، وذلك راجع لعدم الإلمام بالمقتضيات القانوتية، وغياب حس المسؤولية للبعض الآخر، مما ينعكس بشكل سلبي على تدبير أوضاع الساكنة والفلاحين بالإقليم…
من خلال هذا الجرد السريع والمختصر لكرونولوجيا تواثر الأحداث والوقائع المرتبطة بتدبير ملفات السقي الساهلة وبهودة وملف القنب الهندي، حيث يتضح أن الجماعات الترابية والغرفة الفلاحية، والمديرية الإقليمية للفلاحة، بالإضافة الى وكالة تقنين انشطة القنب الهندي، هؤلاء يتحملون المسؤولية القانونية في عدم تدخلهم للضغط على الجهة المعنية للإيفاء بوعودها تجاه المزارعين لأخذ حقوقهم كاملة، وفقا لما هو محدد في العقود المبرمة بشكل قانوني أثناء تقديم المنتوج الذي يقابله الحصول على تعويضاتهم كما هو متفق عليه.. بالإضافة الى المسؤولية السياسية للجماعات الترابية والغرفة الفلاخية نظرا للصفة التمثيلية التي يفرضها نوع النشاط الفلاحي، وما يقتضيه من بذل الجهود في تسوية الوضعية المالية للمزارعين، ولو عن طريق بذل المساعي الحميدة مع الجهات المعنية، إما عن طريق الوساطة أو التحكيم، او غيرها من الطرق البديلة لتسوية هذا الملف..
أما الركون الى الخلف ومحاولة التنصل من المسؤولية، بدافع تقزيم الملف ورميه في مرمى وكالة تقنين القنب الهندي، فهذا يدخل في الممارسات الجبانة التي عودنا عليها بعض ممثلي الجماعات الترابية ورئيس الغرفة الفلاحية بالإقليم، لكون الملف لازال يتدحرج نحو المجهول، رغم الوعود التي أعطيت للمتضررين من طرف السلطة، ولكن باقي السلطات الأخرى ينبغي عليها التدخل والتنسيق مع الوكالة المعنية بتقنين الكيف، من أجل إيجاد مقاربة مندمجة لطي هذا الملف بصفة نهائية وتقديم ضمانات لعدم تكرار مثل هذه المآسي والمهازل التي تعكر سمعة الإقليم..