أراءالصحة والطب

المرافق الصحية العمومية بإقليم تاونات على حافة الإفلاس.. بتواطأ الجميع.. !!

تاونات..جمال التودي/التحدي الإفريقي

 

لا نستغرب اذا لاحظنا أن صحة المواطن التاوناتي تباع وتشترى بالمزاد العلني، وأن الساكنة بإقليم تاونات تموت في الطريق الوطنية رقم 8، المؤدية الى المركب الجامعي الاستشفائي بمدينة فاس..

لكن ما يبعث على القلق وعدم الإرتياح هو غياب الارادة السياسية لدى السلطات القائمة على تدبير ومراقبة الشأن الصحي المحلى بالإقليم.

ففي الوقت الذي كان المواطن التاوناتي ينتظر تدخل السلطة الاقليمية لإصلاح الوضع، والنهوض بالمرفق الصحي العام، وتكريس “مبدأ المجانية” كأهم مباديء تدبير المرافق العمومية، يلاحظ ضرب هذا المبدأ في مقتل، وتكريس ” فكرة خوصصة” مرافق الصحة..

ولا نعلم هل هو توجه الدولة، أم اجتهاد السلطة المحلية في ضرب مبدأ مجانية تدبير المرافق العمومية، خاصة عندما تتجه السلطة الى إهمال المستشفى الإقليمي الذي تحول الى مكتب توجيه الساكنة نحوى مستشفيات فاس، وما ينتج عنه من وفيات بالجملة، خاصة في صفوف النساء الحوامل..

وتوجه السلطة بالإقليم نحو تشجيع القطاع الخاص والترويج والتطبيل للمصحات الخصوصية، في ضرب صارخ لمبدأ المنافسة الذي يفرض على السلطة إلتزام الحياد الايجابي، والتركيز على النهوض بالموافق الصحية، وتأهيل المستشفيات العمومية، عوض التطبيل للقطاع الخاص على حساب القطاع العمومي…

الدولة كانت واضحة عندما أعلنت عن فكرة الشراكة بين القطاع العام والخاص، بهدف خلق توازن بين القطاعين، من خلال إحداث شروط واضحة تعتمد على خلق تنافسية مبنية على الشفافية وتكافأ الفرص، من جهة، وتأهيل القطاع العام انطلاقا من تكريس مبدأ المجانية فيه من جهة ثانية..

ولكن في مدينة تاونات كل المفاهيم تحتكم لمنطق اللامنطق، وعوض أن تقوم السلطة بدور المحكم وتعمل على النهوض بالمرفق العام الصحي، وتأهيله ليقوم بدوره في العناية بصحة الساكنة، تم وضع صحة المواطن التاوناتي بالمزاد العلني، عبر تشجيع الخوصصة والمبادرات الخاصة على حساب رداءة وتأزيم مستشفيات القطاع العام..

المرافق المستشفيات العمومية تحتضر أمام مرأى ومسمع السلطة، والغريب في الامر أن ممثلي السلطة يدشنون المصحات الخاصة، في تجاهل مكشوف لوضعية المستشفيات العمومية…

نعم للمبادرات الخاصة في جميع المجالات، بما فيها القطاع الصحي.. مرحبا فالاستثمار في صحة المواطن بشكل ايجابي.. أهلا برؤوس الاموال لبناء مرافق خصوصية… ولكن لا مرحبا، ولا أهلا ولا سهلا بإهمال المستشفى العمومي، لا أهلا بتأزيم المستشفى الصحي العمومي، وتحويله الى مكتب توجيه المرضى الى مستشفيات فاس والنواحي..

يجب على السلطة المحلية أن تستوعب وتعي أن دورها الدستوري والقانوني ليس هو تدشين المصحات الخاصة والارتماء في المبادرات الخاصة، ولكن يبقى دورها هو تأهيل وخلق مستشفيات عمومية، وتوفير الشروط الضرورية لتقوم بدورها أحسن قيام للنهوض بصحة المواطن التاوناتي..

أما تدشين المصحات الخاصة، وتشجيع القطاع الخاص، في إقليم تعوزه القدرة الشرائية لمواكبة تغول أخطوبوطات الخوصصة، فهذا يطرح أكثر من علامة استفهام، ويفرض على السلطة المحلية أن تقف وقفة تأمل لتقييم الوضع، وتعترف بأن دورها يتجلى بالدرجة الاولى في إحداث وتأهيل المرافق العامة، أما المرافق الخصوصة فقد أطرها القانون بمقتضيات خاصة خولها للخواص، بذل السلطة العمومية.. التي يبقى دورها في تحقيق المصلحة العامة ولا شيء سواها..

فهل وصلت الرسالة، قبل فوات الآوان، وتصبح صحة المواطن التاوناتي في خبر كان.. !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى