بعد مرور خمسة أيام فقط على وفاة العقيد بوطواف ربيع، قائد القطاع العسكري في تيميمون، عادت أجواء الغموض لتخيم مجددًا على المؤسسة العسكرية الجزائرية، إثر الإعلان عن وفاة المقدم جولم لخضر، رئيس أركان كتيبة مشاة بالقطاع العسكري في الوادي، من دون الإفصاح عن أسباب الوفاة أو ملابساتها.
البيان الصادر عن الرئاسة الجزائرية جاء مقتضبًا وباردًا، اقتصر على تقديم التعازي الرسمية التقليدية، تلاه بيان مشابه من قائد أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة، مما زاد من حالة الغموض وأثار تساؤلات عديدة لدى المهتمين بالشأن العسكري في البلاد.
الجدير بالذكر أن هذه الوفيات الغامضة تحدث في ظرف إقليمي وداخلي دقيق، وسط توتر متصاعد على الحدود الجنوبية، لا سيما مع مالي، حيث أسقطت طائرات مسيرة خلال عمليات عسكرية جزائرية في الفترة الأخيرة.
ويأتي هذا في خضم تداول شائعات عن وجود صراعات داخل المؤسسة العسكرية، وانقسامات بين أجنحتها، في ظل صمت رسمي وإعلامي مطبق بشأن طبيعة هذه الحوادث.
بعض المعارضين الجزائريين في الخارج لم يستبعدوا فرضية “التصفية الداخلية”، مرجحين أن تكون هذه الوفيات نتيجة لصراع خفي يستهدف ضباطًا يُعتقد أنهم لا يتماشون مع التوجهات الحالية للقيادة، أو يرفضون خيارات استراتيجية تتعلق بالتحالفات الإقليمية والملفات الحدودية.
وتزداد التساؤلات حول ما إذا كانت المؤسسة العسكرية تمر فعلًا بمرحلة إعادة هيكلة داخلية صدامية، خاصة في ظل موجة تغييرات غير مسبوقة شهدتها القيادات العسكرية خلال العام المنصرم.
ويُعد غياب أي تحقيق أو توضيح رسمي من وزارة الدفاع حتى الآن، إشارة قوية على أن ما يحدث لا يمكن تصنيفه ضمن الحوادث الطبيعية، ما يترك الباب مفتوحًا أمام مختلف السيناريوهات، بدءًا من فرضية الوفاة العرضية، وصولًا إلى احتمالات أكثر تعقيدًا تتعلق بصراع داخلي عميق في هرم الجيش الجزائري.