المستجدات الإفريقية

الطوارق يُعلنون تحالفًا لمواجهة مخططات الجزائر لتمزيق شمال مالي

في تحوّل بارز يعزز الاستقرار في مالي، أعلنت كبرى مكونات الطوارق يوم الأحد الماضي 27 أبريل 2025 عن توحيد صفوفها خلف دولة مالي، ضاربة بذلك عرض الحائط بمساعي النظام الجزائري الذي طالما عمل على استغلال قضيتهم لتمرير أجنداته الإقليمية.

وشهدت العاصمة باماكو حدثًا مفصليًا، حيث اجتمعت قبائل الإدنان، والإمغاد، والإيداكساك في مؤتمر تحت إشراف وزارة المصالحة الوطنية، لتوقيع ميثاق يُعيد التأكيد على التزام الطوارق بوحدة مالي وسيادتها، ويُعلي من قيم التماسك الاجتماعي في وجه تحديات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود.

البيان الموقع من قادة الطوارق البارزين—أحمد آغ بويا، موسى آغ أشاراتومان، والحاجي غامو—أكد أن المبادرة تمثل نقلة نوعية نحو تجاوز الصراعات السابقة، وبناء شراكة حقيقية بين أبناء الشمال والدولة المالية، بعد سنوات من العبث السياسي الذي غذّاه التدخل الجزائري المتكرر.

وتكتسب هذه الخطوة أهمية بالغة في ظل التصعيد الحاصل على الحدود مع الجزائر، حيث تشير تقارير متواترة إلى تورط الأجهزة الجزائرية في دعم جماعات مسلحة داخل مالي، في سياق مشروع مشبوه هدفه إبقاء الشمال المالي ساحةً مفتوحة للتجاذبات والانفلات، خدمةً لمصالح “العسكر الجزائري” الطامحين إلى نفوذ يتجاوز حدودهم.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، لم يدّخر النظام الجزائري وسعًا في محاولاته استغلال الورقة الطوارقية لتأجيج النزعات الانفصالية، غير أن إعلان وحدة الطوارق خلف مالي يُعد انتكاسة مدوية لتلك السياسات، ويكشف فشل المقاربة الجزائرية في توجيه مسار الأحداث.

وجدد زعماء الطوارق دعمهم للمسار الانتقالي بقيادة الجنرال أسيمي غويتا، مؤكدين أن الأمن والاستقرار يشكلان القاعدة الصلبة لأي مشروع تنموي، كما دعوا إلى عودة اللاجئين وإعادة دمج كل فئات المجتمع في مشروع وطني جامع، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية المشبوهة.

الاتفاق الذي خرج به لقاء باماكو يُقرأ كرسالة حاسمة مفادها أن الطوارق ليسوا بيادق في يد جنرالات الجزائر، بل شركاء أصيلون في صياغة مستقبل مالي. لقد انتهى زمن التلاعب بهم، وانقلب السحر على الساحر.

الميثاق لا يحمل فقط وعدًا بالسلام الداخلي، بل يشكل أيضًا ضربة قوية للنظام العسكري الجزائري، الذي خسر أداة طالما استثمر فيها لزعزعة استقرار دول الجوار.

وبانخراط الطوارق في مشروع وطني سيادي، تنتزع باماكو من الجزائر ورقة ضغط تقليدية، وتخطو بثبات نحو فرض سيادتها الكاملة، على الرغم من أنف من يسعى إلى إبقاء الساحل رهينة للفوضى والمصالح الضيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى