أراء وأفكار وتحليل

الريع.. والتضخم.. والتهميش.. والإحتكار.. وضياع الفرص : خلطة تدبير السياسة ونسق السلطة في صناعة الوهم بإقليم تاونات!

د. جمال التودي/التحدي اففريقي

لا نحتاج الى نظريات اقتصادية، أو استمارات سوسيولوجية نقيس بها مؤشرات درجة تطور أو تخلف الوضع التنموي بمدينة تاونات.. فمجرد إلقاء نظرة على النسيج الإقتصادي تستشف تغول “الريع”، حيث تغيب مقومات صناعة محلية يمكن أن تقدم قيمة مضافة للتنمية بالمنطقة، وذلك راجع لسيطرة شرذيمة من المستفذين من مقدرات الإقليم، يمنعون كل المبادرات التي تأتي من رؤوس أموال خارجة عن دائرتهم النفعية..

ويظهر ذلك جليا في منع كل من سولت له نفسه التفكير في الاستثمار بهذا الإقليم، حتى لا ينافس تلك الطبقة المحظوظة التي نسجت او سيطرة على مفاتيح اللعبة، بولوج معاقل مراكز القرار من خلال اقتحام السياسة، وسد الباب على كل المبادرات الجادة والمنتجة، التي من شأنها تكسير هيمنة اقتصاد الريع الذي ينتج الفقر عوض الثروة، وينفع صاحبه، بدل المجتمع.. فاستثمار تلك الطبقات في قطاعات عقيمة، يحرم مدينة تاونات من مشاريع صناعية حقيقية، مما يفوت على شباب وساكنة الإقليم فرص مهمة لتحقيق التنمية…

كما أن احتكار الاستثمار في قطاعات بعينها، وعدم الانفتاح على مجالات منتجة تقوم على احداث منطقة صناعية بمدينة تاونات، قد تكون بمثابة قاطرة تؤسس لمرحلة مفصلية تقطع مع سياسات الريع التي تكرس التخلف والهشاشة بالبنية السوسيواقتصادية للساكنة…

كما أن غلاء الأسعار زاد من تعقيد الوضع الاجتماعي لدى المواطن التاوناتي.. الفلاح البسيط حرم من زراعة الدلاح، هذه الزراعة التي كان يحقق بها الاكتفاء الذاتي، حيث منع منها لأسباب ومبررات غير منطقية.. حتى أصبخ يعاني الهشاشة، ولم تعد الأجرة اليومية التي يتقاضاها مقابل اليد العاملة، لا تكفيه لتسديد الحاجيات اليومية البسيطة لكون التضخم فعل فعلته، بل هناك من يعول على بوصيلة الدعم 500 درهم كصك لتأبيد الأزمة بذل قضاء مآربه وحاجياته الضرورية…

أين هي المبادرات التي كان يقال عنها منتجة ومذرة للدخل، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.. هنا ننتظر من السلطة/ العمالة نشر تقرير يتم من خلاله تقييم الاستفاذة من تلك المبادة التي راهنت عليها الدولة للخروج من الهشاشة ومحاربة الفقر.. إقليم تاونات يمكنه أن يخلق عدة فرص، لو تم تجسيد الحكامة بمفهومها الايجابي والقطع مع الارتجالية في اتخاذ القرارات العشوائية، من خلال التركيز على مفهومين أساسين : العدالة الاجتماعية، ثم العدالة المجالية، هذه المفاهيم وغيرها تعد مفاتيح فعالة لإعادة توزيع الثروة بالإقليم…

نعم مدينة تاونات تزخر بثروة طبيعية ومؤهلات اقتصادية عديدة، وعنصر بشري فعال، ولكن هيمنة منطق الاحتكار من طرف شرذمة و معدودة على رؤوس الأصابع، والحياد السلبي للسلطة، الشيء كرس لنا مظاهر متناقضة من قبيل: الريع، والتضخم، والاحتكار، وسوء التدبير، والهشاشة، مما يؤدي الى إهدار الفرص الحقيقية للإقلاع الإقتصادي، والتوازن الاجتماعي المؤديان لتحفيق التنمية المستدامة التي تبقى الحل الوحيد للخروج من هذا الوضع المأسوي، الذي ساهم فيه نسق سلطوي منغلق على ذاته، وسوء تدبير سياسي متخلف في تسييره لدواليب الإقليم.. !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى