شهدت مدينة فيرول التابعة لإقليم غاليسيا شمال غرب إسبانيا، صباح أمس الخميس، حدثًا بارزًا في مجال الصناعات العسكرية والبحرية، حيث أشرفت الملكة صوفيا على حفل تدشين الفرقاطة “بونيفاز” (F-111)، وهي أول سفينة حربية ضمن برنامج F110، الذي يُعتبر واحدًا من أكبر المشاريع الاستراتيجية لإسبانيا في العقود الأخيرة.
الاحتفالية جرت في أحواض بناء السفن التابعة لشركة “نافانتيا”، بحضور رئيس الحكومة الإسبانية وعدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. المناسبة لم تكن مجرد تدشين عسكري، بل حملت في طياتها رسائل سياسية واقتصادية، سواء على مستوى الداخل الإسباني أو في ما يتعلق بعلاقات مدريد مع حلفائها داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
برنامج F110 يهدف إلى بناء خمس فرقاطات متعددة المهام، قادرة على تنفيذ عمليات معقدة في البحر، بدءًا من الدفاع الجوي وصد الهجمات البحرية، مرورًا بالكشف عن الغواصات والتصدي لها، وصولًا إلى مهام الدعم اللوجستي للسلطات المدنية في مجال الأمن البحري ومكافحة التهديدات غير التقليدية. هذه السفن ستشكل العمود الفقري المستقبلي للبحرية الإسبانية، خصوصًا في ظل التوترات الدولية المتزايدة والتحديات الأمنية التي يشهدها كل من البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
من الناحية الاقتصادية، يُمثل هذا المشروع دفعة قوية لقطاع الصناعات العسكرية الإسبانية، حيث تُعتبر شركة نافانتيا رافعة مهمة لتشغيل آلاف العمال والمهندسين، كما يُنتظر أن يفتح آفاقًا جديدة للتصدير والتعاون الصناعي مع دول أخرى، في سياق المنافسة الشرسة التي تعرفها سوق السلاح العالمية.
أما على الصعيد السياسي، فقد حاولت الحكومة الإسبانية من خلال هذا الحدث إبراز قدرتها على الاستثمار في التكنولوجيا الدفاعية المتطورة، في وقت تواجه فيه مدريد تحديات جيوسياسية وإقليمية، سواء داخل أوروبا أو في علاقاتها مع الضفة الجنوبية للمتوسط.
إطلاق الفرقاطة “بونيفاز” ليس مجرد خطوة تقنية، بل يُعد إعلانًا واضحًا بأن إسبانيا تسعى إلى تعزيز موقعها كقوة بحرية إقليمية، قادرة على حماية مصالحها الاستراتيجية وضمان أمن طرقها البحرية في مواجهة المتغيرات الدولية المتسارعة