يبدو أن مشروع الربط القاري الثابت بين أوروبا وإفريقيا عبر نفق تحت مضيق جبل طارق، الذي يفصل بين المغرب وإسبانيا،
عاد ليبرز بقوة في الأجندة السياسية بعد سنوات من الركود. فقد أفادت تقارير إعلامية إسبانية بأن حكومة بيدرو سانشيز اتخذت خطوة جديدة في هذا الاتجاه، حيث خصصت وزارة النقل الإسبانية، بقيادة أوسكار بوينتي، مبلغًا يزيد عن 350 ألف يورو من صندوق “الجيل القادم” الأوروبي، لتمويل دراسة شاملة للجدوى المالية والفنية لهذا المشروع الطموح.
وقد أُسنِدت مهمة إعداد الدراسة إلى الشركة العامة الإسبانية “إينيكو”، حيث ستركز على تقييم الفوائد الاقتصادية والعائدات المحتملة للنفق، مستندة في ذلك إلى تجارب ناجحة مثل نفق بحر المانش الذي يربط فرنسا ببريطانيا، وخط السكك الحديدية بين فجيراس وبيربينيان الذي يربط إسبانيا بفرنسا. وستسعى الدراسة أيضًا إلى تحديد نماذج شراكة مبتكرة بين القطاعين العام والخاص لتأمين تمويل المشروع، الذي من المتوقع أن تصل تكلفته إلى عدة مليارات من اليوروهات.
حجم الطلب المستقبلي
تشمل الدراسة المنتظرة أيضًا تقدير حجم الطلب المستقبلي على هذا النفق، سواء لنقل الركاب أو البضائع، إضافة إلى استكشاف المسارات الممكنة لتنفيذه. ويجري التركيز حاليًا على خيارين رئيسيين: الأول ينطلق من منطقة ميناء الجزيرة الخضراء، بينما الثاني يمتد من سواحل مدينة طريفة نحو مدينة طنجة. وسيتم تقييم كل خيار بناءً على جدواه التقنية والمالية، بالإضافة إلى تحليلات متعلقة بالإيرادات المحتملة والخدمات المتوقعة للعبور.
كما تشارك في هذه الجهود شركة “هيرينكنيشت” الألمانية، الرائدة في مجال تكنولوجيا حفر الأنفاق، حيث تتولى إعداد دراسة موازية تركز على الجانب الجيولوجي، وتحديد مدى إمكانية تنفيذ عمليات الحفر في المناطق الأكثر تحديًا من الناحية الجيولوجية، مثل “عتبة كامارينال” في وسط المضيق، مستندة إلى أبحاث سابقة تعود إلى عام 2007.
ومن المتوقع أن تكتمل هذه الدراسات بحلول صيف 2025، مما سيتيح وضع تصور شامل حول الإمكانيات الواقعية لإنجاز هذا المشروع الضخم، الذي يُنظر إليه كجسر استراتيجي بين القارتين وفرصة لتعزيز التكامل الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا بعد عقود من الدراسات والتخطيط.