في خطوة تعكس حجم الاستياء العام، خرجت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عن صمتها لتكشف عن الوضع الكارثي الذي يعيشه المستشفى الإقليمي لالة عايشة بتمارة، واضعة الأصبع على جرح طالما حاول المسؤولون التستر عليه الفساد والعشوائية في التسيير، وسط صمت مطبق من الجهات الوصية، وتجاهل تام للتوجيهات الملكية السامية التي شددت مرارًا على ضرورة إصلاح القطاع الصحي وضمان كرامة المواطن المغربي.
الجمعية، في بيان شديد اللهجة، وصفت الوضع بـ”المنفلت”، مشيرة إلى أن المستشفى أصبح رمزًا للاكتظاظ والفوضى، حيث تسود الزبونية والمحسوبية بدل الكفاءة والانضباط، في مشهد يتناقض تمامًا مع روح خطب جلالة الملك محمد السادس نصره الله، التي جعلت من إصلاح المنظومة الصحية أولوية وطنية.
الواقع اليومي داخل المستشفى، كما رصدته الجمعية ومكونات المجتمع المدني، يُظهر تدهورًا خطيرًا في الخدمات، حيث تشتكي الساكنة من غياب حس المسؤولية لدى بعض الأطر الطبية، التي لا تؤدي واجبها كما ينبغي، وتُفضل الانزواء في جلسات ضحك جماعي في أروقة المستشفى، تاركة المرضى يتلوون من الألم دون رعاية أو اهتمام، قسم المستعجلات، الذي يُفترض أن يكون ملاذًا للمرضى في أوضاع حرجة، تحول إلى فضاء للفوضى واللامبالاة، مما يثير حالة من التذمر والسخط في صفوف المرتفقين.
ولم يقتصر التنديد على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان فقط، بل انضمت إلى هذه الصرخة عدد من جمعيات المجتمع المدني بعمالة الصخيرات تمارة، والتي وجهت رسائل استعطافية إلى الجهات المسؤولة، مطالبة بتدخل عاجل قبل أن ينزلق القطاع نحو مزيد من الانهيار.
وفي محاولة لدق ناقوس الخطر، قررت فعاليات جمعوية تنظيم وقفة احتجاجية أمام المستشفى، في الايام القليلة القادمة من أجل إثارة انتباه وزارة الصحة إلى حجم الاختلالات، والمطالبة بإيفاد لجنة تحقيق محايدة ومحاسبة كل من ثبت تورطه في هذا الوضع المشين، الذي لم يعد يُحتمل.
لقد أصبح مستشفى لالة عايشة بتمارة، بكل أسف، نموذجًا صارخًا للفشل في تسيير المرافق العمومية الحيوية، ومرآة لواقع صحي متردٍ يضرب في العمق ثقة المواطن في مؤسساته. فأين هي المحاسبة؟ وأين هي الوزارة؟ وأين هو الضمير المهني؟