د.جمال التودي/التحدي الإفريقي
طبقا للقوانين التنظيمية، البرلماني هو ممثل الأمة، من بين مهامه مراقبة وتقييم السياسات العمومية، والمساهمة في تشريع القوانين، بالاضافة الى الترافع على مصالح المواطنين، والقيام بالدبلوماسية البرلمانية للدفاع عن القضايا الوطنية العليا بالخارج…
لكن، ما هو البروفيل المناسب لإكتساب صفة برلماني بوطني الجريح؟ حسب التسريب المنسوب الى رشيد الفايق، من خلال الشكاية المقدمة للنيابة العامة بفاس، حول الرشوة المقدمة لأحد ممثلي السلطة للحصول على مقاعد برلمانية لحزب معين.. نستشف بأن منصب برلماني يدخل في زمرة “الشناقة السياسية” الذين يستعملون كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للظفر بهذا المقعد البرلماني…
عجيب وغريب هذه المهزلة التي تعبر عن واقع كاريكاتوري مشوه، يطرح أكثر من علامة استفهام، حول مصداقية الانتخابات التشريعية، وغيرها في ضل استشراء واستفحال شتى مظاهر الرشوة والفساد…
ماذا ننتظر من برلماني صرف أكثر من 800 ,مليون للظفر بمقاعد برلمانية؟ حتما سيراهن على استرجاع ما قدمه كرشوة لممثلي السلطة، وسيحاول استعمال منطق الريع وتحقيق المصالح الخاصة عوض مصالح الوطن والمواطنين…
نلاحظ في صفحات الجرائد عناوين أسماء نافذة تتقلد مناصب برلمانية وصفات أخرى، دون أن تتحرك السلطات في بلادي لفتح تحقيق، وربط المسؤولية بالمحاسبة.. هذا يدل على شيء واحد فقط، ألا هو تواطأ رجال السلطة مع الطبقة السياسية الفاسدة التي أزكمت أنوف المواطنين، من خلال السكوت السلبي…
في الدول التي تحترم نفسها، إذا ذكر إسم مسؤول سياسي، أو مسؤول معين في واقعة ما، أو في تقارير صحفية نتيجة شبهة الفساد، فإن المعنيين بها يقدمون استقالتهم، او يحالون على التحقيق، لتقول العدالة كلمتها في حقهم، إما بالراءة أو بالادانة…
صفة برلماني ببلادي، هي بمثابة “همزة” يلجأ إليها السياسي الجشع للاغتناء، في ضل غياب ثقافة المحاسبة.. بل هي مكسب ريعي يظفر به أحد السياسين بتواطؤ مع رجال السلطة، سواء باستعمال المال، كما هو الشأن لقضية رشيد الفايق، أو عن طريق مباركة بعض المحضوضين المواليين للدوائر المعلومة، في إطار هندسة مشهد سياسي متحكم فيه بشكل يفرغ التمثيلية البرلمانية من محتواها التشريعي والرقابي، لكون الطبقة التي حصلت على تلك الصفة تفتقد للشروط القانونية والعلمية للقيام بتلك الأدوار أصلا.. مما يطرح سؤوال النجاعة السياسية، والفعالية القانونية التي تساعد على فرز نخب سياسية مؤهلة ومؤطرة للقيام بأدوارها لصالح الأمة.. !!
