وكالات

البوليساريو تُحرج نواكشوط بهجوم إرهابي موازيا لاجتماع رسمي مع الغزواني.. والشيات يعلق

في خطوة تثير العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقة بين نواكشوط وجبهة البوليساريو، استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، يوم الجمعة 30 ماي المنصرم،وفدًا من الجبهة الانفصالية برئاسة ما يسمى “رئيس المجلس الوطني الصحراوي”. اللقاء الذي احتضنه القصر الرئاسي بالعاصمة الموريتانية، جاء لتسليم رسالة خطية من زعيم الجبهة، إبراهيم غالي، تتعلق بقرار السلطات الموريتانية بإعادة انتشار قواتها في بعض المناطق الحدودية الحساسة.

 

وتكتسي هذه المناطق الحدودية أهمية استراتيجية قصوى، إذ إنها لطالما شكلت ممرًا تستخدمه وحدات البوليساريو للالتفاف على الحزام الدفاعي المغربي في محاولة لتنفيذ هجمات ضد مواقع مغربية. وهو ما يطرح علامات استفهام حول إقدام البوليساريو على نشر بلاغات عسكرية تدعي فيها القيام بعملية إرهابية ضد مواقع مغربية من الأراضي الموريتانية في وقت ينعقد في اجتماع بين الرئيس الموريتاني ووفد الجبهة الإنفصالية.

 

ففي الوقت الذي كانت فيه قيادات مدنية وعسكرية من الطرفين (موريتانيا والبوليساريو) مجتمعة داخل القصر الرئاسي، نشرت وكالة الأنباء التابعة للجبهة الانفصالية خمس بلاغات عسكرية، تؤكد فيها تنفيذ عمليات قصف على مواقع مغربية، بعضها وقع في نفس يوم الاجتماع، ما يعكس استمرار الجبهة في خرق السيادة الموريتانية واتخاذ أراضيها منصة لهجماتها ضد المغرب.

 

هذا التصعيد الميداني، الذي يعتبر امتدادًا لانتهاكات سابقة تسببت في توتر واضح بين نواكشوط والبوليساريو خلال الأشهر الماضية، يضع السلطات الموريتانية في موقف دبلوماسي حرج أمام المغرب، الذي طالما حرص على بناء علاقات احترام متبادل وتنسيق أمني دائم مع الجار الجنوبي.

 

وفي تصريح لصحيفة “آشكاين”، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات، أن ما جرى “ليس رسالة من البوليساريو، بل هي رسالة من الجزائر”، مضيفًا أن “موريتانيا لا تهاب عصابات البوليساريو، لكنها تتخوف من رعونة تفكير قيادات العسكر الجزائري”.

 

وأوضح الشيات أن قضية الصحراء تعرف اتجاهين متناقضين؛ الأول يمثله المغرب، الذي ينهج مسارًا سلميًا قائمًا على المفاوضات تحت مظلة الأمم المتحدة، والثاني تمثله الجزائر وصنيعتها البوليساريو، واللتان تروجان لخيار “الكفاح المسلح” كحل بديل، مضيفا أن الترويج للحرب ليس سوى وسيلة ضغط تلجأ إليها الجزائر والبوليساريو بهدف تحصيل مكاسب سياسية أو تفاوضية.

 

ووفق الأستاذ الجامعي فإن تعزيز موريتانيا لحضورها العسكري وتحكّمها في حدودها الشمالية يضيق الخناق استراتيجيًا على الجبهة الانفصالية ويدفعها إلى ارتكاب تصرفات متشنجة، لافتا إلى أن “النقطة الأضعف ميدانيًا كانت هي الحدود الجزائرية الموريتانية، والتي ظلت تُستغل من طرف البوليساريو لشن هجمات على المغرب والترويج إعلاميًا لوجود حرب. وحين حاولت موريتانيا إغلاق هذه المنافذ، سارعت الجبهة إلى اختراقها من جديد بالتزامن مع اجتماع رسمي في نواكشوط، في تصرف لا يخلو من إهانة للمضيف وابتزاز دبلوماسي واضح”.

 

وأكد أستاذ العلاقات الدولية أن ما تقوم به البوليساريو حاليًا “لا يمكن وصفه إلا برقصة الديك المذبوح”، معتبرًا أن استمرار هذه الاستفزازات بدفع مباشر من الجزائر قد يدفع موريتانيا إلى تكثيف وجودها العسكري بالمنطقة، وفي المقابل، قد تخسر الجزائر دولة كانت حتى الآن حريصة على النأي بنفسها عن هذا الصراع الإقليمي الشائك.

 

وختم الشيات تصريحه بالتشديد على أن حياد موريتانيا في هذا النزاع يقتضي أمرين أساسيين؛ أولًا، تحييد أراضيها عن أي نشاط عدائي موجّه ضد المغرب، وهو ما تسعى إليه نواكشوط أمنيًا، وثانيًا، إلغاء اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، لأن هذا الاعتراف يتناقض مع موقف الحياد الحقيقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى