دعا راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، إلى تبني موقف إفريقي موحد وصارم في مواجهة تحالف الإرهاب والانفصال، معتبراً أن هذا التحالف يشكل أحد أخطر التهديدات التي تستهدف أمن واستقرار الدول الإفريقية ووحدتها الترابية. جاء ذلك خلال افتتاح الدورة الثالثة للجمعية العامة لمؤتمر رؤساء المؤسسات التشريعية الإفريقية، المنعقدة يوم الجمعة 12 دجنبر 2025 بمقر مجلس النواب بالرباط.
وأكد الطالبي العلمي أن القارة الإفريقية تتحمل اليوم العبء الأكبر من النزاعات والأزمات، وفي مقدمتها الإرهاب الأعمى الذي لا يكتفي بإزهاق الأرواح، بل يعطل التنمية، ويدفع الملايين إلى النزوح واللجوء، ويقوض أسس الديمقراطية ودولة المؤسسات، ويحرم أجيالاً كاملة من الحق في التعليم والحياة الكريمة. وحذر من تنامي خطورة الإرهاب حين يتحالف مع النزعات الانفصالية بهدف تفكيك الدول وجعل عدم الاستقرار وضعاً دائماً، داعياً البرلمانات الإفريقية إلى إدانة هذا التحالف واتخاذ مواقف حازمة تجاه مموليه ومدبريه.
وفي سياق آخر، توقف رئيس مجلس النواب عند التحديات المناخية التي تواجهها القارة، مبرزاً المفارقة المتمثلة في كون إفريقيا من أكثر المناطق تضرراً من التغيرات المناخية، رغم مساهمتها المحدودة في الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وأكد أن لهذه الاختلالات آثاراً مباشرة على الاستقرار السكاني، والأمن الغذائي، وظواهر الهجرة، التي شدد على أن غالبيتها تظل داخل القارة، خلافاً للصور النمطية السائدة.
كما سلط الضوء على التناقض القائم بين الإمكانيات الفلاحية والطبيعية الهائلة التي تزخر بها إفريقيا، واضطرار دولها إلى استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية بكلفة سنوية مرتفعة، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالطاقة، حيث لا يزال ملايين الأفارقة محرومين من الولوج إلى الكهرباء، وما يترتب عن ذلك من آثار اجتماعية وتنموية.
وأكد الطالبي العلمي أن إفريقيا توجد اليوم في قلب التنافس الدولي بفضل ثرواتها وموقعها الاستراتيجي، ما يجعلها قارة المستقبل بامتياز، شريطة تحويل هذه الإمكانيات إلى ثروات حقيقية عبر مشاريع مهيكلة، والعمل الجماعي القائم على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، والانتقال من منطق تدبير الأزمات إلى منطق الوقاية منها وتسويتها.
وفي هذا الإطار، أبرز أهمية تفعيل منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، مشيداً في الوقت ذاته بالمبادرات الاستراتيجية التي أطلقها الملك محمد السادس، من قبيل مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، والمبادرة الأطلسية لتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، ومشروع أنبوب الغاز الأطلسي، باعتبارها مشاريع كفيلة بتعزيز التكامل القاري والشراكة جنوب–جنوب وربط إفريقيا بمحيطها الدولي.
وأكد رئيس مجلس النواب على أن الشباب الإفريقي يشكل الرهان الحقيقي لمستقبل القارة، داعياً إلى اعتبار النمو الديموغرافي فرصة للتنمية، وإلى توحيد صوت البرلمانات الإفريقية للترافع عن مصالح القارة والدفاع عن عدالتها في النظام الدولي، وترسيخ الديمقراطية ودولة المؤسسات كمدخل أساسي لتحقيق النهضة الإفريقية المنشودة.