أراء وأفكار وتحليل

“الطاكسي”بحجميه بين التخليق للمهنة والزجر

بقلم/سيداتي بيدا

 

لم يعد ما يحدث داخل عدد من سيارات الأجرة بالمغرب مجرّد فوضى عابرة، ولا سلوكًا منحرفًا يمكن تبريره بضعف التنظيم. نحن اليوم أمام جُرح ينهش سمعة بلد كامل؛ ظاهرة مُستفحلة جعلت قطاع الطاكسي يتحوّل من خدمة عمومية إلى مصيدة مُحكمة تلتهم جيوب المسافرين وثقة الزوار، حتى صارت البلاد مصنّفة ضمن الأسوأ عالميًا في ممارسات النصب على السياح.

هذا ليس تقريرًا عابرًا، بل صفعة دولية كان يفترض أن تُحدث زلزالًا داخل مؤسسات يفترض أنها مسؤولة عن النقل والسلامة والخدمة. لكن ما نراه هو صمت يكاد يرقى إلى التواطؤ. كيف نقبل أن يكون أول احتكاك للزائر ببلدنا هو مطاردة كلامية حول التسعيرة، أو عدّاد معطّل عمدًا، أو مسارٍ يُمدَّد بوقاحة، أو تهديدٍ مبطّن لمن يرفض “الثمن المفروض”؟ كيف نسمح أن تُصبح مكاتب المراقبة مجرد ديكور، فيما تُستباح هيبة القانون في شوارعنا؟

إنّ ما يجري إهانة وطنية بكل المقاييس. يأتينا السائح بثقة، فيواجه ممارسات تجعل المغرب يبدو وكأنه أرض سائبة بلا رقيب. وهذا ليس صحيحًا… لكنه ما يُسمح بأن يظهر للعالم. هل نحتاج إلى مزيد من التقارير الدولية كي نُصدّق أنّ سمعة البلاد تُسحَب إلى الوحل بسياسات ارتجالية وتهاون لا يغتفر؟

قطاع سيارات الأجرة لم يعد يحتاج لإصلاح تجميلي؛ إنّه يحتاج عملية جراحية جذرية:

قانون يُطبَّق بلا تردد، لا يُستثنى منه أحد.

رقابة يومية تُمسك المخالف من ياقة قميصه قبل أن يعبث بجيب وافد جديد.

عقوبات موجعة، لا غرامات رمزية تُدفع من أرباح الاحتيال.

ومسؤولون يثبتون أنهم وُضعوا في مواقعهم لخدمة الوطن… لا لخدمة العجز.

نحن لا نجلد قطاعًا؛ نحن نجلد تسلّطًا يسيء للمغرب والمغاربة. والواقع أن غالبية السائقين شرفاء، لكنهم يُغرقون في بحر من الفوضى التي سمح بها غياب الحزم. أما القلة التي حولت المهنة إلى غنيمة، فقد آن أوان ردعها وبيد من حديد.

المغرب بلد يستحق أن يُرى كما هو: كريمًا، آمنًا، مضيافًا. لا كما تصوّره حفنة تفتح أبواب سياراتها على مصائد، لا على ترحيب.

والمسؤولية اليوم ليست خيارًا… إنها امتحان لهيبة الدولة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى